أسباب انتشار بوحمرون بين التلاميذ في المغرب
مرحبا بك في مدونة معلمي،
تسبب انتشار داء بوحمرون استنفارا كبيرا في الأوساط التعليمية المغربية، وهو الأمر الذي اثار قلقا كبيرا بين مختلف المتدخلين في العملية التعليمية من تلاميذ وجمعيات الآمهات والآباء، وأساتذة، وأطباء، وغيرهم. وقد كنا نعتبر جميعا في المغرب قبل هذا فيروس بوحمرون من الأمراض التي تم السيطرة عليها بفضل التلقيح، وفجأة ظهر من جديد، وكان ظهوره قويا، حيث ازداد عدد الإصابات والوفيات بين التلاميذ والأطفال بشكل عام.
سنحاول في هذا الموضوع مناقشة بعض الأسباب القوية لدخول فيروس بوحمرون من الباب الواسع للمؤسسات التعليمية. كما سنقوم بجرد بعض الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية ووزارة الصحة المغربية من أجل وقف نزيف الإصابات والوفيات بسبب هذا الفيروس. بالإضافة إلى الحديث عن بعض التحديات التي تواجه عملية التلقيح.
تسبب انتشار داء بوحمرون استنفارا كبيرا في الأوساط التعليمية المغربية، وهو الأمر الذي اثار قلقا كبيرا بين مختلف المتدخلين في العملية التعليمية من تلاميذ وجمعيات الآمهات والآباء، وأساتذة، وأطباء، وغيرهم. وقد كنا نعتبر جميعا في المغرب قبل هذا فيروس بوحمرون من الأمراض التي تم السيطرة عليها بفضل التلقيح، وفجأة ظهر من جديد، وكان ظهوره قويا، حيث ازداد عدد الإصابات والوفيات بين التلاميذ والأطفال بشكل عام.
سنحاول في هذا الموضوع مناقشة بعض الأسباب القوية لدخول فيروس بوحمرون من الباب الواسع للمؤسسات التعليمية. كما سنقوم بجرد بعض الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية ووزارة الصحة المغربية من أجل وقف نزيف الإصابات والوفيات بسبب هذا الفيروس. بالإضافة إلى الحديث عن بعض التحديات التي تواجه عملية التلقيح.
أسباب انتشار داء بوحمرون في المؤسسات التعليمية بالمغرب
تراجع عملية التلقيح
من بين أهم الأسباب التي أدت للانتشار الكبير لفيروس بوحمرون في الآونة الأخيرة هو الانخفاض الحاصل في تلقيح الأطفال ضد هذا الفيروس. حيث أشارت وزارة الصحة المغربية إلى انخفاض ملموس في نسبة الاقبال على التلقيح ضد الحصبة في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار الفيروس وتراجع المناعة ضده داخل المجتمع، ويمكن أن نحدد بعض الأسباب الرئيسية التي أدت لهذا الانخفاض حسب نقاشاتي مع تلامذتي ومع أولياء أمورهم وما يدور في مواقع التواصل الاجتماعي (الواتساب والفايسبوك..)انتشار المعلومات المضللة
انتشرت مؤخرا الكثير من المعلومات المغرضة والتي تستهدف وقف عمليات التلقيح، هذه المعلومات المضللة انطلقت بعد انتهاء الحجر الصحي، والذي كان بسبب جائحة كورونا، حيث بدأت مجموعة من المنشورات والتسجيلات الصوتية حملات كبيرة من أجل التشكيك والطعن في سلامة اللقاحات التي توفرها وزارة الصحة المغربية. هذه المعلومات المغرضة تقول بأن اللقاحات تحتوي على مواد ضارة أو أنها أرسلت من طرف البنك الدولي للقضاء على الشعب! وهو الأمر غير الصحيح اطلاقا.فقدان الثقة في اللقاحات
تجربة لقاحات كورونا كانت من الأسباب التي أدت لتراجع عملية تلقيح الأطفال في المغرب وفي العالم بشكل عام. حيث خرجت مجموعة من المقالات الصحفية والآراء في العالم تقول بخطورة لقاحات كورونا وبأنها تؤثر سلبا على مناعة الشخص الملقح على المدى البعيد. بالإضافة إلى انه تم ربط الكثير من الوفيات للشباب بسبب توقف القلب أو أمراض فجائية أخرى باللقاحات! مع العلم بان الموت الفجائي لا يفرق بين شخص ملقح وشخص غير ملقح. لكن صعوبة إعادة بناء الثقة ومواجهة هذه الاشاعات تكون صعب وتتطلب مجهودات مضاعفا من السلطات المعنية.ضعف الخدمة الصحية
يعاني أطفال وتلاميذ العالم القروي مع ضعف أو انعدام الخدمة الصحية بالمناطق النائية. فنجد غيابا للموارد البشرية الطبية بهذه المناطق وضعفا للتجهيزات وهو الأمر الذي يؤثر على عملية التلقيح والتوعية بأهميتها. هذه الخدمة الصحية لازالت تعيش كذلك على الماضي، حيث يطلب الأن من التلاميذ احضار دفاترهم الصحية، وذلك من أجل التأكد من الذين استفادوا من التلقيح، وغالبا ما تواجه هذه المطالب بتبريرات من أولياء أمور التلاميذ من قبيل "فقدت دفتري الصحي" كل هذا بسبب عدم انشاء دفاتر صحية رقمية داخل الوطن، والتي ستمكن من فرز من استفاد من التلقيح من الذين لم يستفيدوا منهم بشكل آلي وتلقائي دون الحاجة إلى إجراءات ورقية روتينية غير موثوقة.الاكتظاظ داخل الأقسام التعليمية
تساهم الأجواء المدرسية في انتشار الفيروسات وخصوصا فيروس الحصبة الذي نتحدث عنه هنا، حيث يتجمع عدد كبير من التلاميذ خلال أوقات الاستراحة أو قبل لولوج المؤسسة، دون إغفال الاكتظاظ الذي تعيشه الأقسام التعليمية، حيث نجد 40 تلميذا في أغلب الأقسام خصوصا المتواجدة بالمجال الحضري، هذا الاكتظاظ يساهم في انتشار الفيروسات والأمراض بسرعة أكبر.ضعف التوعية الصحية
بالرغم مما يتعرض أولياء أمور التلاميذ من تشويه يومي للحقائق حول التلقيح، إلا أن ضعف التوعية الصحية هو الملام فيما وصلنا إليه الآن. ضعف الوعي بأهمية التلقيح لدى العائلات الفقيرة بالخصوص، نحمل مسؤوليته للدولة بكافة مؤسساتها الإعلامية والصحية والتربوية والتي يبدو أنها تركت المجال مفتوحا أمام انتشار الأخبار الزائفة وعدم الفهم لدى المواطنين.انتشار الطب البديل
كما هو عليه الأمر بدول العالم الثالث، لازالت بعض العائلات تعتقد يا للأسف بأنه يمكن علاج أو الوقاية من الأمراض الفيروسية ومن مرض بوحمرون بالخصوص، وذلك بالاعتماد فقط على الطب البديل أو ما يصطلح عليهم لدى البعض ب "طب الجدات". يمكن ارجاع هذا الانتشار إلى ضعف التغطية الصحية، وضعف التوعية، والفقر، والأمية.الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية
من أجل وقف هذا الزحف الذي يقوم به فيروس بوحمرون قامت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتنسيق مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بعديد من الإجراءات التي نذكر من بينها:مراقبة واستكمال التلقيح في المؤسسات التعليمية
أخرجت الوزارة مذكرة بتاريخ فبراير 2025 تطالب فيها مديرات ومديري المؤسسات التعليمية بتنسيق جهودهم مع المصالح الصحية المختصة من أجل تسهيل مراقبة الدفاتر الصحية للتلاميذ وتسجيل التلاميذ الذين لم يستفيدوا من تلقيح الحصبة، مع تقديم ورقة السماح بالتلقيح داخل المؤسسات التعليمية لكل تلميذ لم يستفد من التلقيح سالف الذكر، وذلك من أجل توقيعها من طرف ولي أمر التلميذ، وهو الأمر الذي سيسمح للمصالح الصحية المختصة بتقديم التلقيح داخل المؤسسات التعليمية.إغلاق المؤسسات التعليمية التي تشكل بؤراً وبائية
اجراء أخر يتمثل في اغلاق المؤسسات التعليمية التي تفشى فيها مرض بوحمرون (الحصبة) وذلك بتوصية من السلطات الصحية المختصة، كما يتم استبعاد جميع التلاميذ المصابين بداء الحصبة وكذلك التلاميذ الذين لم يستفيدوا من التلقيح وذلك لحماية جماعة المدرسة. بالنسبة لإجراءات الاستبعاد من المؤسسة التعليمية للتلاميذ غير الملحقين، فقد ساهمت كما لاحظت شخصيا في ابداء رغبة في التلقيح من طرف أولياء أمور هؤلاء التلاميذ.التعليم عن بعد
تعود فكرة التعليم عن بعد من جديد بعد تطبيقها خلال الحجر الصحي بسب جائحة كورونا. تم وضع التعليم عن بعد كحل ثالث بالنسبة للتلاميذ الذين تم استبعادهم من المؤسسات التربوية بسبب المرض أو بسبب عدم التلقيح أثناء انتشار المرض. رغم أن هذا الحل يطرح العديد من الأسئلة حول من سيقدم هذا التعليم عن بعد؟ وأين سيتم تقديمه؟ وماذا بالنسبة للأسر التي لا تتوفر على تغطية انترنيت أو حاسوب أو هاتف! وأعتقد شخصيا أن هذا الحل مجرد عنوان يصعب تحقيقه الأن، إلا إن كان المقصود منه التعلم من خلال اليوتيوب مثلا!توعية الأسر
تم مؤخرا القيام بالكثير من الحملات من طرف المصالح الصحية للتحسيس بمخاطر داء الحصبة (بوحمرون). وقد شهدت المؤسسة التي أشتغل فيها زيارة من طرف طبيب المستوصف والممرضين الذين قاموا بتقديم عرض حول أخطار بوحمرون داخل قاعة الاجتماعات لمؤسستنا التعليمية. هذا العرض كان لصالح التلاميذ. كما تم تقديم كبسولات توعية حول داء بوحمرون بوسائل الإعلام العمومية ومختلف المنصات الرقمية.التحديات التي تواجه حملات التلقيح صد الحصبة
المعلومات المضللة
تواجه المجهودات التي تقوم بها الدولة من أجل تلقيح الجميع (مناعة القطيع) مجموعة من المعلومات الخاطئة والمضللة والتي تروم منع الآباء من إجراء التلقيح لأطفالهم. هذه الحملة المعاكسة التي تقودها جهات مجهولة تستعمل الواتساب والفايسبوك وغيرها من المنصات الاجتماعية.عندما استفسرت مجموعة من التلاميذ بالمؤسسات التعليمية التي أعمل بها عن سبب عدم تلقيحهم، كان جواب الغالبية منهم بأن هذا التلقيح خطير ويؤدي للموت وبأنه خدعة من أجل تلقيح الناس بلقاح كورونا مرة أخرى. قد تبدو هذه الأقوال غير منطقية لكن يا للأسف هناك عوائل كثيرة تصدق أي شيء ينشر على هذه المنصات.
فقدان الدفاتر الصحية
من بين أسباب تأخر عملية التلقيح لمن لم يستفيدوا منه من قبل، هو فقدان الدفاتر الصحية من طرف العائلات، حيث لم نعد نعرف هل حصل التلميذ على تلقيح أم لم يحصل عليه، وهو الأمر الذي يجعل عملية التلقيح بطيئة وصعبة. بالإضافة إلى أن البعض يستعمل ذريعة فقدان الدفتر من أجل التهرب من التلقيح، وهو الأمر الذي انتبهت له وزارة التربية والوطنية ووزارة الصحة وأكدت بأن الجميع سيحصل على تلقيح سواء من لم يحصل عليه أو من قال بأنه فقد الدفتر الصحي.عدم وجود نظام معلوماتي مركزي
2025 يا للأسف وفي زمن الذكاء الاصطناعي، لا زلنا نعتمد على الدفاتر الصحية التي نطلب استرجاعها من التلاميذ بعد سنوات كثيرة من التلقيح، فكيف ستحافظ هذه العائلة على هذا الدفتر وعلى عدة دفاتر لأطفالها لمدة طويلة، خصوصا في المناطق النائية والقروية؟هذا الأمر ناتج عن غياب نظام معلوماتي مركزي لوزارة الصحة، حيث يمكن بكل سهولة تحديد التلاميذ الذين حصلوا على التلقيح من الذين لم يحصلوا عليه.
النصائح الطبية للوقاية من داء بوحمرون
التلقيح هو الحل الأمثل
الحصول على جرعات تلقيح بوحمرون (الحصبة) هو الطريقة الوحيدة والأمثل والأكثر فعالية من أجل حماية أطفالنا من هذا الفيروس الخطيرة، يجب على الأسر الحرص على تلقيح أطفالها والحصول على جميع اللقاحات بالترتيب المذكور بالدفتر الصحي للطفل. غير ذلك، فإننا نجعل أطفالنا عرضة لهذا الفيروس الخطيرة بدون أية وسيلة دفاعية.تعزيز النظافة الشخصية
يجب الاهتمام بالنظافة الشخصية وتوعية أطفالنا بالقيام بنفس الأمر، خصوصا داخل المؤسسات التعليمي. هذه الأخيرة التي يجب أن توفر الماء والصابون السائل لجميع التلاميذ. لأن غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون يساهم في تقليل غسل اليدين بانتظام واستخدام المعقمات يمكن أن يقلل من خطر انتقال الفيروس.عزل المصابين
من بين الإجراءات المهمة كذلك التي يمكن اللجوء إليها هي عزل المصابين من التلاميذ عن بقية التلاميذ، وهذا نفس ما اعتمدته وزارة التربية الوطنية المغربية، باعتماد التعليم عن بعد للتلاميذ المصابين بوحمرون والذين لم يستفيدوا من التلقيح. كما يجب تعميم صور أعراض داء الحصبة بمداخل ومخارج المؤسسات التعليمية لينتبه إليها حراس البوابات وأولياء أمور التلاميذ وغيرهم.زيارة الطبيب عند ظهور الأعراض
يجب زيارة الطبيب بعد ظهور أي عارض من أعراض بوحمرون (الحمى، سيلان الأنف، التهاب الحلق، سعال جاف، احمرار والتهاب العينين...) وذلك لتجنب تفاقم المشكلة الصحية للطفل.- الخلاصة
المصادر :
- منظمة الصحة العالمية (WHO): who.int
- وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية: sante.gov.ma
- وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة : https://www.men.gov.ma/ar/Pages/Accueil.aspx
- المجلة الدولية للأمراض المعدية (International Journal of Infectious Diseases)
إرسال تعليق