مشكلة نقص البصر عند تلاميذ المدارس
مرحبا بك في مدونة معلمي،
مشاكل ضعف البصر لدى تلاميذ المدارس الابتدائية و بعض الاقتراحات لتجاوزها
يعاني الكثير من تلاميذ المؤسسات التعليمية ببلدنا من مشاكل حادة في البصر، هذه المشكلة تكتشف غالبا بالصدفة من طرف رجال ونساء التعليم. ازداد تفاقم هذه المشكلة العويصة خصوصا بعد جائحة كورونا، وذلك نظرا لما سببه الحجر الصحي بالمنازل للأطفال من منع للخروج إلى الطبيعة والنظر إلى المسافات البعيدة، بدل النظر لمسافات قصيرة لا تتجاوز عدة أمتار داخل المنزل.نسبة انتشار مشاكل البصر بين التلاميذ
حسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية WHO، فإنه يعاني من مشاكل البصر ما يقارب من 30% من الأطفال في سن التمدرس في العالم. في المغرب نموذجا كشف تقرير لوزارة الصحة المغربية بإن 15% من تلاميذ المدارس الابتدائية يعانون من مشاكل متعلقة بالبصر. هذه النسبة تتضاعف في المناطق الفقيرة والمناطق النائية التي لا يستطيع أهلها الوصول إلى الفحوصات الطبية، بسبب البعد أو بسبب ضعف الإمكانيات المادية.ازدادت حالات التلاميذ الذين نعاينهم بالمدارس العمومية، والذين يعانون من ضعف ومشاكل في البصر، خصوصا بعد جائحة كورونا، هذه الجائحة التي حبست الأطفال داخل منازلهم بسبب قانون الحجر الصحي المنزلي. تسببت الحجر الصحي في ارتفاع نسب استعمال الأجهزة الإلكترونية، سواء للتعلم عن بعد خصوصا بعد إغلاق المدارس، أو في استعمالات أخرى كالألعاب والفيديوهات.
أوضحت جامعة هارفارد في دراسة بتاريخ 2021 بأن ما يقارب من 40% من الأطفال الذين استعملوا الأجهزة الإلكترونية لأكثر من 4 ساعات يوميا واجهوا مشاكل في النظر، هذه المشاكل التي تتمثل في قصر النظر وجفاف العين.
دور المدرسة والأسرة في الاكتشاف المبكر لضعف البصر
يكتشف رجال ونساء التعليم بنسبة كبيرة مشاكل البصر لدى المتعلمين. عندما يلاحظ الأستاذ الصعوبة التي يجدها التلميذ عندما يُطالَبُ بقراءة نص أو نقله من السبورة. يقوم بعض الأساتذة بمبادرات تطوعية فردية من طرفهم وتتمثل في محاولة اكتشاف الحالات التي تعاني من نقص البصر داخل أقسامهم. هذه المحاولة تعتمد على استعمال مخطط سنيلين وهو مخطط لاختبار قوة الابصار.
الأستاذ ليس متخصصا طبيا في أمراض العين، لكنه على الأقل يقوم ببادرة بسيطة من أجل اكتشاف بعض الحالات. عند اكتشاف الحالات جد الواضحة في ضعف البصر، يتم التواصل مع أولياء أمورهم وإخبارهم بالأمر، ويعود لهم الأمر في التعامل مع الحالة. ورغم كل هذا فجهود الأساتذة محدودة ومنعزلة ولا يتم تشجيعها ولا يمكن أن تكون بديلا عن اجراء الفحوصات الطبية عند طبيب العيون.
يتم بشكل سنوي كذلك تنظيم حملات لفحص البصر. هذه الحملات خاصة بتلاميذ المستوى الأول من التعليم الابتدائي (6 سنوات تقريبا)، لكن هذه الحملات لا تشمل المستويات الدراسية الأخرى (الثاني، الثالث، الرابع، الخامس، السادس). بعض حالات ضعف البصر تظهر بعد السنة الأولى ولا يمكن اكتشافها بسبب عدم استفادة تلاميذ المستويات الأخرى من الفحوصات بشكل دوري. وفقا لدراسة نُشرت في مجلة " البصريات الطبية" فحوالي 10% من الأطفال الذين يتمتعون بنظر سليم في سن السادسة ربما يعانون من ضعف البصر بحلول السنة الثامنة من عمرهم.
صعوبات توفير النظارات الطبية
تقويم المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية مع شراكة مع الفروع الإقليمية لجمعيات تنمية التعاون المدرسي بمختلف أقاليم المملكة المغربية، على تمكين التلاميذ الفقراء من الحصول على نظارات وفحوصات مجانية.هذه المبادرة المهمة تمكن من استفادة المؤسسات التي يقارب عدد تلاميذها مثلا 300 تلميذا من 5 نظارات فقط، وهو عدد غير كاف أبدا بالنظر لوجود مئات التلاميذ بالمؤسسة وفئة مهمة منهم تحتاج لنظارات البصر. بالإضافة إلى ضعف نسبة منح النظارات للتلاميذ بالمؤسسة، فإن عملية الحصول حتى على هذه النظارات المجانية يعتبر صعبا. حيث يطالب التلميذ مع ولي أمره بالتنقل إلى مركز الإقليم من أجل اجراء فحص طبي والحصول على النظارات بعد شهر أو أكثر، مع ما يستلزمه ذلك من نفقات للتنقل والتغذية وغيرها. قد تصل مسافة التنقل إلى أكثر من 100 كيلومتر في بعض الحالات مما يزيد التكاليف بشكل كبير، حيث يتخلى البعض منهم عن حقهم في الحصول على النظارات المجانية بسبب هذه المتاعب.
يمكن الحديث كذلك عن التغطية الصحية بالنسبة للفئة التي تتوفر عليها. فالتعويضات المقدمة من أجل شراء النظارات الطبية لا تغطي التكلفة الكاملة في غالبية الحالات بسبب ارتفاع سعر النظارات (الزجاج+ الإطار + الفحص الطبي). وفقا لتقرير صادر عن المؤسسة المغربية بالنهوض بالتعليم الأولي التي تسير قطاع التعليم الأولي بالمغرب، فإن 70% من الأسر الفقيرة لا تستطيع تحمل تكلفة شراء النظارات الطبية لأطفالها بسبب ضعف التعويضات الصحية.
تأثير الأجهزة الإلكترونية السلبي على البصر
ازداد نسبة استعمال الأجهزة الإلكترونية من طرف الأطفال، خصوصا بعد جائحة كورونا والحجر الصحي الذي لم يترك فرصة أمام للعب خارجا. حيث استعملوها لمشاهدة الرسوم المتحركة والأفلام وللاستمتاع بالألعاب الالكترونية.لكن، مع هذا الاستعمال المكثف تأتي أضرار كثيرة، تؤدي هذه الأضرار إلى إجهادٍ للعين وإضعافٍ للبصر. ولذلك، توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأن لا تتجاوز مدة استعمال الأجهزة الإلكترونية ساعتين يوميا بالنسبة للأطفال فوق السادسة من العمر. وأما الأطفال أقل من ذلك فلا يجب أن يستعملوها على الإطلاق.
وإذا كان ولا بد من استعمال هذه الأجهزة الإلكترونية، فيجب معها اتخاذ بعض الاحتياطات للحفاظ على نظر أطفالكم. مثل استعمال النظارات المضادة للانعكاس أو النظارات الزرقاء (blue light glasses) التي تقلل من تأثير الاشعة الضارة الخارجة من هذه الأجهزة الإلكترونية. كما يمكن الالتزام بقاعدة 20-20-20 والتي ترتكز على أخذ استراحة كل 20 دقيقة والنظر إلى شيء بعيد بحوالي 6 أمتار لمدة 20 ثانية.
مشكلة الإضاءة في المدارس الرائدة
تعتمد المدارس الرائدة بالمملكة المغربية وبعدة بلدان عربية أخرى، على استعمال أجهزة العرض المسلاط الكهربائي (Datashow) من أجل تقديم الدروس. قد يتعرض التلاميذ وخصوصا الذين يدرسون بالمستويات الدنيا بالتعليم الابتدائي لخطر هذه الأشعة الضارة، والتي يمكن أن تؤذي أعينهم بسبب تعرضهم المباشر للضوء الساطع الخارج من أجهزة العرض هذه، والتي يمكن أن تسبب إجهادا للعين وربما إصابة بقصور النظر.في المدارس الرائدة التي تعتمد على أجهزة العرض (DataShow)، قد يتعرض التلاميذ، وخاصة في المستويات الدنيا، لإضاءة قوية تؤذي أعينهم. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، فإن التعرض المباشر للضوء الساطع من أجهزة العرض يمكن أن يسبب إجهاد العين ويزيد من خطر الإصابة بقصر النظر.
من أجل هذا، يجب التحكم في إضاءة الفصول الدراسية بالمدارس الرائدة والتي تستعمل تقنيات العرض الحديثة، مع توعية التلاميذ بتجنب النظر إلى عدسات أجهزة العرض بشكل مباشر. دون نسيان تدريب الأساتذة على الاستخدام الصحيح لهذه الأجهزة وتوعيتهم بمخاطرها وبكفية توزيع التلاميذ داخل القسم، حتى نتجنب جميعا أضرار هذه الأجهزة.
الحلول المقترحة لتجنيب التلاميذ مشاكل الإبصار:
تعميم فحوصات البصر:
يجب وزارة الصحة تعميم فحوصات البصر على جميع التلاميذ بمختلف مستويات التعليم الابتدائي الست، وليس فقط تلاميذ المستوى الأول. كما يجب تعميم هذه الفحوصات على التلاميذ كذلك بالتعليم الأولي ورياض الأطفال، سواء التابعة للدولة أو التابعة للخواص. فكلما تم اكتشاف مشاكل البصر باكرا يمكن معالجتها بشكل أفضل مستقبلا
زيادة عدد النظارات المجانية:
يجب التفكير في تعميم النظارات المجانية على جميع الفئات الهشة والأطفال القادمون من أسر فقيرة. بالإضافة الى ضرورة تسهيل عملية الحصول على هذه النظارات المجانية في عين المكان بدل التنقل لمسافات بعيدة للحصول عليها.
الترفع من تعويضات التغطية الصحية وتعميمها:
لا يمكن تشجيع الأسرة على اجراء فحوصات طبية للبصر لأطفالها دون الرفع من سقف التعويضات الصحية ولما لا رفعها بنسبة 100% فالبصر حاسة لا يمكن تعويضها. دون نسيان رفع أعداد المستفيدين من التغطية الصحية الاجبارية بالبلاد.
توعية الأسر بمخاطر الأجهزة الإلكترونية:
يجب انشاء كبسولات توعوية من طرف وزارة الصحة وبثها خلال أوقات الذروة بالقنوات العمومية وقنوات الرسوم المتحركة واليوتيوب وغيرها، من أجل تحسيس الأسر بأهمية مراقبة عدد ساعات استعمال أطفالها للأجهزة الإلكترونية. مع ضرورة اجراء فحصوات دورية على العينين.
تحسين إضاءة الفصول:
يجب تحسين الإضاءة بالفصول التي تستعمل أجهزة العرض وضبط تموقعها وتموقع التلاميذ داخل القسم، لتفادي الاضرار التي يمكن أن تسببها هذه الأجهزة بسبب سوء الاستعمال.
الخلاصة
يجب تظافر جميع المعنيين بالصحة المدرسية، من أجل الحد من النزيف الحاصل في مشاكل الإبصار لدى أطفالنا بالمدارس، وذلك من خلال تعميم الفحوصات الطبية والرفع من نسبة تعويض التغطية الصحية وتعميمها. دون نسيان توعية الأسر حول أخطار استعمال الأجهزة الإلكترونية على أطفالها. الوقاية دوما أفضل من العلاج كما يقال "درهم وقاية خير من قنطار علاج"المراجع العلمية :
- ضعف البصر لدى الأطفال
- المرجع: كتاب "أمراض العيون عند الأطفال" - تأليف: د. محمد السيد علي.
- المرجع: دراسة بعنوان "انتشار قصر النظر لدى تلاميذ المدارس الابتدائية في الوطن العربي" - مجلة "البصريات الطبية" العربية.تأثير الأجهزة الإلكترونية على البصر
- المرجع: مقال بعنوان "تأثير الشاشات الإلكترونية على صحة العين لدى الأطفال" - مجلة "الصحة المدرسية" العربية.
- المرجع: دراسة بعنوان "تأثير الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات على العين" - جامعة القاهرة، كلية الطب.
- دور المدرسة والأسرة في الاكتشاف المبكر لضعف البصر
- المرجع: كتاب "الصحة المدرسية ودورها في الاكتشاف المبكر للأمراض" - تأليف: د. فاطمة الزهراء أحمد.
- المرجع: دراسة بعنوان "فعالية برامج الفحص البصري في المدارس الابتدائية" - مجلة "التعليم والصحة" العربية.
- صعوبات توفير النظارات الطبية
- المرجع: تقرير بعنوان "واقع الخدمات الصحية المدرسية في الوطن العربي" - منظمة الصحة العالمية (WHO) بالتعاون مع وزارات الصحة العربية.
- المرجع: دراسة بعنوان "تقييم برامج توفير النظارات الطبية المجانية في المدارس" - جامعة الملك سعود، كلية الطب.
- تحسين إضاءة الفصول الدراسية
- المرجع: كتاب "تصميم الفصول الدراسية وصحة الطلاب" - تأليف: د. خالد عبد الرحمن.
- مرجع: دراسة بعنوان "تأثير الإضاءة الصناعية على صحة العين لدى التلاميذ" - جامعة الإسكندرية، كلية الهندسة.
- توصيات عامة للوقاية من مشاكل البصر
- المرجع: كتاب "صحة العين عند الأطفال: الوقاية والعلاج" - تأليف: د. علي محمد حسن.
- المرجع: دراسة بعنوان "دور التغذية في الوقاية من أمراض العيون لدى الأطفال" - جامعة عين شمس، كلية الطب.
- توعية الأسر بمخاطر الأجهزة الإلكترونية
- المرجع: دليل توعوي بعنوان "كيف تحمي عيون أطفالك من الأجهزة الإلكترونية" - إصدار وزارة الصحة السعودية.
- المرجع: دراسة بعنوان "تأثير التوعية الصحية على استخدام الأجهزة الإلكترونية لدى الأطفال" - جامعة الزقازيق، كلية التمريض.
- الفحوصات الدورية للبصر
- المرجع: دليل إرشادي بعنوان "أهمية الفحوصات الدورية للبصر لدى الأطفال" - إصدار الجمعية السعودية لطب العيون.
- المرجع: دراسة بعنوان "فعالية الفحوصات الدورية للبصر في المدارس الابتدائية" - جامعة المنصورة، كلية الطب.
إرسال تعليق