هل المدرسة الرائدة رائدة فعلاً؟

الكاتب: مدونة معلمي وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
نبذة عن المقال: ما هي أهداف المدرسة الرائدة؟هل المدرسة الرائدة رائدة فعلاً؟ هل فشلت المدرسة الرائدة

هل المدرسة الرائدة رائدة فعلاً؟

هل المدرسة الرائدة رائدة فعلاً؟

مرحبا بك في مدونة معلمي،

أعلنت وزارة التربية الوطنية عن برنامج تجريبي للتعليم وفق المستوى المناسب TaRL الذي تم استنباط تجربته من دولة الهند بالإضافة إلى ما يسمى بالتعليم الصريح الذي يخالف التعليم الضمني حيث ننطلق من القاعدة أولا ثم النمذجة التي يقوم بها الأستاذ ثم الممارسة المستقلة للتلاميذ عكس ما كان معمولا به من الانطلاق من الأمثلة والانتهاء باستخراج أو استنتاج القاعدة وتسجيلها على السبورة.

تم إطلاق مصطلح " المدارس الرائدة" على المدارس التي اختيرت من أجل تجريب هذا البرنامج النوعي في التدريس خلال السنوات الماضية، حيث تهدف المدرسة الرائدة إلى الرفع من جودة التعلمات خصوصا بالمواد الأساسية وهي اللغة العربية والرياضيات واللغة الفرنسية.

ما هي أهداف المدرسة الرائدة؟

تحسين جودة التعلمات:

تهدف المدرسة الرائدة بالمغرب حسب الوزارة الوصية على القطاع إلى تحسين والرفع من جودة التعلمات خصوصا في المواد الأساسية بالتعليم الابتدائي وهي: اللغة العربية، اللغة الفرنسية، مادة الرياضيات.

حيث يتم التركيز على المتعثرين بشكل كبير خصوصا في مرحلة الدعم المكثف أو ما يسمى باللغة الإنجليزية ب TaRL وهي اختصار لجملة Teaching at Right Level يعني التدريس وفق المستوى المناسب، بحيث يتم اجراء تقويم تشخيصي بداية السنة الدراسية ويسمى بالرائز القبلي أو رائز الموضعة ومن خلاله يتم التمييز بين جميع فئات المتعلمين من أجل تقديم دعم في مرحلة طارل TaRL حسب حاجيات كل فئة.

  • مثال في مادة الرياضيات بالتعليم الابتدائي:
  1.  رقمان: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من قراءة عدد مكون من رقمين (45,65..)
  2.  الجمع: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من انجاز عملية الجمع فقط وفشلوا في باقي العمليات؛
  3.  الطرح: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من انجاز عملية الجمع وعملية الطرح وفشلوا في باقي العمليات؛
  4.  الضرب: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من انجاز عملية الجمع والطرح والضرب وفشلوا في بقية العمليات؛
  5.  القسمة: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من انجاز عملية الجمع والطرح والضرب والقسمة وفشلوا في العملية الأخيرة؛
  6.  المسألة: مجموعة التلاميذ الذين تمكنوا من انجاز عملية الجمع والطرح والضرب والقسمة والإجابة عن مسألة.
  • مثال في مادة اللغة العربية:
  1.  مبتدئ: التلاميذ الذين فشلوا في التعرف على 3 حروف من 8 قدمت لهم؛
  2.  حرف: التلاميذ الذين استطاعوا قراءة جميع الحروف وفشلوا في قراءة الجمل؛
  3.  الجملة: التلاميذ الذين تمكنوا من قراءة الجمل وفشلوا في قراءة الفقرة؛
  4.  الفقرة: التلاميذ الذين تمكنوا من قراءة الفقرة وفشلوا في قراءة الأقصوصة (ارتكبوا أكثر من 4 أخطاء متباينة)
  5.  الأقصوصة: التلاميذ الذين تمكنوا من قراءة الأقصوصة وفشلوا في الإجابة عن أسئلة الفهم؛
  6.  الفهم: التلاميذ الذين تمكنوا من الإجابة عن أسئلة الفهم (سؤالين)
  • مثال في اللغة الفرنسية:
  1.  المبتدئ: فشل في قراءة 3 حروف على الأقل من أصل 8 حروف معروضة عليه؛
  2.  الحرف Lettre: تمكن من قراءة 6 حروف على الأقل من أصل 8 حروف معروضة عليه، فشل في قراءة الكلمة البسيطة؛
  3.  كلمة بسيطة Mot Simple: تمكن من قراءة 6 على الأقل من أصل 8 كلمات معروضة عليه وفشل في قراءة الكلمة المتقدمة؛
  4.  كلمة متقدمة Mot avancé: تمكن من قراءة 6 على الأقل من أصل 8 كلمات معروضة عليه وفشل في قراءة الكلمة المتقدمة؛
  5.  الجملة Phrase: تمكن من قراءة 6 على الأقل من 8 كلمات متقدمة معروضة عليه وفشل في قراءة الجملتين بطلاقة دون ارتكاب خطأين على الأقل؛
  6.  الفقرة Paragraphe: تمكن من قراءة الفقرة بطلاقة مع عدم ارتكاب أكثر من 3 أخطاء متباينة (تكرار نفس الخطأ في كلمة أخرى لا يحتسب خطأ جديدا)
  7.  الفهم Compréhension: تمكن من الإجابة الصحيحة عن سؤالين من أسئلة فهم الفقرة

تطبيق منهجية التعليم الصريح:

بعد اجراء حصص مكثفة من الدعم خلال مرحلة طارل TaRL ثم اجراء الرائز البعدي للتأكد من مستويات المتعلمين، يتم إعادة توزيعهم من طرف برنامج مسار على فوجين متوازنين على الأقل، حيث يتم الانتقال إلى مرحلة التعليم الصريح في المواد الأساسية (اللغة العربية والفرنسية والرياضيات).

يعتمد التعليم الصريح على وضوح الأهداف حيث يتم اخبار التلميذ بداية النشاط بالهدف التعلمي من هذا الدرس، بالإضافة الانطلاق من القاعدة إلى الممارسة المستقلة للتلاميذ، فمثلا خلال التعليم الصريح يُخبر التلميذ بالقاعدة أولا مثال:

كان وأخواتها "ترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها"

ثم بعد ذلك ينتقل الأستاذ إلى الممارسة الموجهة التي يقوم بها هو ليظهر لهم ماذا يجب أن يقوموا به حتى يفهموا جيدا.

خلال التعليم الصريح من طرف الأستاذ لا يهم انتهاء الدرس أو المرحلة بقدر ما يهم فهم التلاميذ ثم بعد ذلك يتم الانتقال إلى الممارسة المستقلة التي يقوم بها التلاميذ.

التعليم الصريح هو عكس ما كان يقوم به الأساتذة من الانطلاق من الأمثلة من أجل استخراج القاعدة ثم بعد ذلك ينجز المتعلمون تمارين كتابية.

تحفيز رجال ونساء التعليم للعمل بشكل أفضل:

تقول الوزارة بأن تحفيز رجال ونساء التعليم من بين أهداف المدارس الرائدة وذلك بتحفيز الفريق التربوي للمؤسسة (جميع الأساتذة + المدير) الابتدائية بمنحة سنوية قدرها مليون سنتيم أو 10.000 درهم تمنح مرة واحدة فقط، وذلك حينما يصل الفريق التربوي للمؤسسة إلى تحقيق نسبة تمكن من التعلمات لدى التلاميذ تساوي أو تفوق 80%

المشاكل والتحديات التي تواجهها المدرسة الرائدة:

عدم تفهم الأسر للإصلاحات التربوية:

شهد بداية الموسم الدراسي وبالتحديد شهر شتنبر الكثير من الاحتجاجات التي قام بها أولياء أمور التلاميذ بالمؤسسات الابتدائية وذلك بقولهم بأن المدرسة الرائدة جاءت لإضعاف التلميذ المتفوق وبأنه لا يستفيد منها شيئا وبأنها خاصة فقط للمتعثرين و "للضعفاء" تعليميا وبأن أطفالهم خارج المعادلة مما دفع الكثيرين منهم إلى نقل أطفالهم إلى مدارس أخرى غير رائدة.

مشكلة الاكتظاظ:

يعاني نساء ورجال التعليم وخصوصا في المناطق الحضرية من الاكتظاظ داخل الأقسام والتي يصل فيها عدد التلاميذ إلى 40 تلميذا بالفصل الدراسي الواحد. فكيف يمكن تطبيق الإصلاح الذي تتحدث عنه وزارة التربية الوطنية في ظل مشكلة الاكتظاظ؟ كيف يمكن للتلميذ الاستفادة من حصته الدراسية كاملة وهو يتزاحم مع زملائه حول مكان للجلوس؟

ضعف تحفيز الأساتذة:

كيف يمكن الحديث عن تحفيز للأطر التربوية وربطها بالاستفادة مرة واحدة في الحياة؟ ما معنى هذا؟ هل سيستمر الأستاذ بتحفيز ذاتي مثلا بشكل دائم لسنوات مقبلة من أجل العمل بشكل متعب جدا بالمدارس الرائدة خصوصا مع استعمال الوسائل التكنولوجية والاكتظاظ وساعات العمل الكثيرة والكثير من المهام والتقارير وتعبئة شبكات التتبع وشبكات الدعم وشبكات الروائز وغيرها من الأمور الإضافية التي لا توجد بالمؤسسات غير الرائدة؟

هل المنحة السنوية 10000 درهم والتي ينفق الأستاذ مثلها أو أكثر سنويا للتنقل إلى مقرات عمله من ماله الخاص، هل تعتبر كافية للتحفيز بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي ترفعها الوزارة وتعول على المدرسة الرائدة لإنجاحها؟

الدعم المؤسساتي وغياب التعويض:

جاءت الوزارة بفكرة الدعم المؤسساتي من أجل دعم المتعثرين الذين لم يستطيعوا تجاوز تعثراتهم خلال مرحلة الدعم المكثف طارل TaRL. وقد تم جعل هذا الدعم تطوعيا لأساتذة المؤسسة وخارج أوقات العمل، وقد تم تخصيص مبلغ 60 درهما فقط للساعة كتعويض بعدما كان الحديث خلال مراحل انجاز النظام الأساسي الخاص برجال ونساء التعليم عن 90 درهما كتعويض عن ساعة دعم.

حتى هذا التعويض الهزيل عن ساعات الدعم يتأخر بشكل كبير فمثلا نحن في شهر يناير من سنة 2025 ولم يتوصل جزء كبير من أساتذة المدارس الرائدة للسنة الدراسية 2023/2024 عن التعويض الخاص بالدعم الذي قاموا به.

بعض الأساتذة أشاروا بأنهم توصلوا بالشهر الأول من هذا التعويض خلال شهر غشت 2024، يعني تعويض هزيل ومع ذلك يتم جعله وارساله في أشطر لكيلا يستفيد الأستاذ من مبلغه كاملا، والسبب غير معروف.

المشاكل التقنية والصحية بالمدارس الرائدة:

يعتمد الدروس بالمدارس الرائدة بشكل كبير على الاستخدام المفرط لأجهزة العرض "المسلاط الكهربائي" أو Data Show والذي يشكل خطرا كبير على أعين التلاميذ والأساتذة على حد سواء على المدى المتوسط والبعيد، ففي الوقت الذي توعية الأساتذة بمخاطر أشعة المسلاط الكهربائي يبقى التلاميذ في خطر كبير خصوصا إذا قاموا بالنظر بشكل مباشرة إلى مصباح المسلاط الكهربائي القوي بشكل دوري.

غالبية الدروس التي ترسل إلى الأساتذة والتي تكون عبارة عن ملفات باوربوينت PowerPoint تكون كثيرة الشرائح حيث تجد في كل ملف ما يقارب 80 شريحة (صفحة) حيث يطالب الأستاذ بتمرير جميع الشرائح مع الشرح خلال 70 دقيقة فقط، وهو الوقت الذي لا يكفي للقيام بكل هذا بشكل جيد.

حيث يقوم بعض الأساتذة بتجاوز بعض الشرائح بسرعة من أجل إتمام الدرس في الوقت المحددة، بينما يقوم البعض الأخر بتمديد مدة الدرس مع الحفاظ على عدد الشرائح لكن على حساب المكونات الدراسية الأخرى مثلا لدى أستاذ اللغة العربية مثل التربية الفنية أو الاجتماعيات أو التربية الإسلامية. لذلك يجب على يقوم بإنشاء وارسال هذه الدروس أن يراعي عمل الأستاذ داخل القسم والفروقات بين المتعلمين وبعض المتغيرات الأخرى.

من مشاكل الدروس بالمدرسة الرائدة غياب وسائل العمل والطباعة، فالأستاذ مثلا مطالب بتوزيع نجيمات على التلاميذ المتفوقين بشكل يومي وتوزيع علامات بطل الحصة وشهادات تقديرية للمتفوقين ولأصحاب السلوك الجيد، لكن من يطبع هذه الوسائل؟ هل الأستاذ مكلف بالإنفاق على وزارة التربية الوطنية؟ مع العلم بأنه يتم ادراج هذه الوسائل بجميع الدروس، يعني التلاميذ يعرفون بأنهم إذا اجابوا يجب أن يحصلوا على وسائل التحفيز تلك.

مثل هذه الوسائل دفعت بعض الأساتذة الى الدخول في مشاكل مع الإدارة التي تقول بأنها لا تتوفر على ميزانية لطبع هذه الوسائل، فمن أين سيأتي الأستاذ بها؟

مشاكل الكتاب المدرسي:

تفاجأ الكثير من نساء ورجال التعليم بطبع كراسات باللون الأسود والأبيض (بدون ألوان) وتوزيعها على المتعلمين ولو كان الأمر بشكل متأخر عن موعد تقديم الدروس الفعلي، والسب الدائم والأوحد هو توفير الكلفة المالية.

هل نحن في مدرسة ابتدائية أم في مؤسسة حزبية مثلا؟ كيف يقبل المسيرون بأن يتم تغييب الألوان عن أطفال 5 سنوات إلى 12 سنة! وقد رفع الوزير السابق محمد حصاد شعار "لنجعل المدرسة فضاء للألوان".

مشاكل طرائق العمل:

يتم الاعتماد على التعليم الصريح عند تدريس المواد الأساسية (اللغة العربية، اللغة الفرنسية، مادة الرياضيات) وذلك باستعمال المسلاط الكهربائي وكراسات أرسلت خصيصا لذلك مع استعمال دروس ppt معدة سابقا من طرف مفتشين.

وعند انتقال الأستاذ إلى تدريس المكونات الأخرى بعد الانتهاء من الرياضيات واللغة العربية واللغة الفرنسية يقوم بتغيير طريق العمل. حيث يعود للكتاب المدرسي القديم وللطريقة القديمة وللتعليم غير الصريح ووقف العمل بالوسائل التقنية مثل الحاسوب والمسلاط الضوئي وغيرها.

مشاكل التأطير التربوي (التفتيش):

يُكلف المفتشون التربويون بمواكبة عدد من المؤسسات وبالتالي الإشراف على عدد كبير من الأساتذة، مما يقلل من جودة التأطير فكيف يمكن للأستاذ مثلا استعمال الوسائل التكنولوجيا كالواتساب من أجل التواصل مع المفتش التربوي؟

هل سيجيب المفتش التربوي عن عشرات أو مئات الأسئلة بشكل يومي؟ أو هل سيزور جميع المؤسسات للاطلاع على تقدم الدروس ولمواكبة الأساتذة خصوصا وأن دروس المدرسة الرائدة في مرحلة التجريب حاليا؟

ننتظر الإجابة عن جميع هذه التحديات والمشاكل بشكل فعلي وعملي وسريع، حتى لا ينسب فشل المدرسة الرائدة مرة أخرى إلى نساء و رجال التعليم و هم الحلقة الأضعف دائما و الذين يقومون بنصيب الأسد من العمل الشاق بهذه المؤسسات.
#مدونة_معلمي

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

7774673206035171072

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث