العقوبات التربوية البديلة وأثرها على نفسية التلاميذ

-A A +A

العقوبات التربوية البديلة وأثرها على نفسية التلاميذ

العقوبات التربوية البديلة وأثرها على نفسية التلاميذ

مرحبا بك في مدونة معلمي، 

التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة فقط ولكنه أيضًا بناء لشخصية الطفل وتنمية لقيمه الأخلاقية والاجتماعية. ومن هنا، فإن استخدام العقوبات في العملية التربوية يجب أن يكون محكومًا بمبادئ التربية السليمة التي تهدف إلى توجيه التلميذ وتصحيح سلوكه بدون إلحاق أي ضرر نفسي أو جسدي به.

ولذلك، فإن استخدام بعض العقوبات البديلة للعقوبات الجسدية أو للعنف اللفظي قد يتسبب في آثار سلبية تضر بنفسية الطفل على المدى البعيد.

و سنذكر هنا بعض العقوبات التي يعتقد الأساتذة أنها بديلة للعنف الجسدي لكنها ليست كذلك، لا من الناحية القانونية و لا من الناحية النفسية.

1. حرمان التلميذ من الاستراحة:

من الممارسات التي يتبعها بعض الأساتذة عقوبة حرمان التلميذ من الاستراحة بين الحصص، حيث يُجبر على البقاء داخل القسم أو في مكان منعزل بساحة المؤسسة أو في مكان معين بدلاً من الاستفادة من استراحته.

هذه العقوبة بالرغم من أنها تبدو عادية لبعض الأساتذة إلا أنها غير قانونية حيث تخل بحق التلميذ في الراحة و اللعب و الاستفادة من الاختلاط مع زملائه بفضاء المؤسسة، و هو ما قد يؤدي إلى تدهور حالته النفسية والبدنية.

هناك سلبية أخرى لهذه العقوبة التي يعتقد البعض بأنها غير مؤدية و هي صعوبة مراقبة التلميذ أثناء تعرضه لمثل هذا النوع من العقاب مما قد يؤدي إلى محاسبة الأستاذ قانونيا في حالة ما وقع سوء للتلميذ لا قدر الله.

2. حرمان التلميذ من حصص التربية البدنية:

من العقوبات الأخرى التي يتبعها بعض الأساتذة هي منع التلميذ المعاقب من المشاركة في حصص التربية البدنية بينما يتمتع زملاؤه بالمشاركة في الأنشطة الرياضية. هذه العقوبة قد تؤثر سلبًا على التلميذ، حيث أن الرياضة تعد جزءًا أساسيًا في نموه الجسدي والنفسي، و حرمانه منها قد يزيد من شعوره بالعزلة وعدم الانتماء و قد يعرض الأستاذ للمساءلة القانونية بدعوى حرمان التلميذ من حق من حقوقه و هو استفادته من كامل حصصه المبرمجة.

3 .وضع التلميذ في مؤخرة الفصل :

يقوم بعض الأساتذة بمعاقبة التلميذ بإرساله إلى الوقوف على قدم واحدة مثلا في مؤخرة القسم أو بأن يوجه رأسه في الاتجاه المعاكس للسبورة، تُعتبر هذه أيضًا من العقوبات التي تفتقر إلى التوجيه التربوي السليم فوضع التلميذ في مؤخرة الفصل كعقوبة تصرف يرسخ لدى التلميذ شعورًا بالنبذ أو الإهمال، وقد يعزز لديه فكرة العزلة، مما يؤثر على استعداده للتفاعل مع المادة الدراسية. بالإضافة إلى أنه يحرم في وقت الشرح من متابعة الشرح أو من نقل دروسه على السبورة و هو ما قد يزيد الطيب بلة و يؤدي إلى تراجع المستوى الدراسي للتلميذ.

4. استخدام العنف اللفظي والاحتقار:

يعتقد بعض المعلمين أن بديل العنف الجسدي هو العنف اللفظي أو الاحتقار و قد لا يؤمنون بأنه عنف أصلا حيث يقومون بتوبيخ التلميذ بشكل كبير باستعمال ألفاظ و عبارات قدحية تؤثر على نفسية التلميذ خصوصا أمام زملائه التلاميذ الآخرين، و هناك من يطلق بعض الألقاب على القدحية على التلميذ و بالتالي يحملها التلاميذ الآخرون لاستعمالها خارج القسم أو خارج المؤسسة. هذه العبارات قد تترك أثرًا سلبيا بالغًا على ثقته بنفسه وتقديره لذاته، مما يؤدي إلى ضعف الدافعية والانغلاق العاطفي لديه و بالتالي تراجع المستوى الدراسي و هو الأمر الذي لا يرغب به أحد.

بعض البدائل التربوية للعقوبات داخل الأقسام.


يجب التذكير بأن الهدف الأصلي لأي عقوبة ليس هو إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بالتلميذ أو بالتعلم و إنما دفعه إلى تصحيح سلوكياته السلبية بطريقة تشاركية مع الاستشهاد بمقولة "لا ضرر و لا ضرار " فالعقوبة التربوية مثل الملح في الطعام لا يجب أن يتجاوز قدره و إلا أصبح مذاقه فضيعا.

نذكر هنا بعض البدائل التربوية التي يمكن أن يستعملها الأساتذة و المعلمون من أجل تصحيح بعض السلوكيات السلبية لدى تلاميذهم دون أن يخالفوا القوانين أو أن يشكلوا خطرا على نفسية و جسد المتعلم.

مكافآت تحفيزية:

أثبت الدراسات العلمية أن استعمال المكافأة (الجزرة) في كثير من الأحيان أفضل من استعمال العنف (العصا) و عندما نتحدث هنا عن المكافآت فإننا لا نقصد بها إنفاق أموال كثيرة لكسب ود التلميذ، بل يمكن أن تكون المكافأة مثلا عبارة عن قصة صغيرة أو كلمة تشجيعية أو قطعة حلوى.

فالبرغم من صغر المكافأة إلا أنها أثرها يبقى كبيرا في نفسية التلميذ ووجدانه و تعيده إلى جماعة القسم بعيدا عن منطق العزلة حيث يحس التلميذ بأنه قد قام بأمر مهم و بأنه شخص مهم للأستاذ و لبقية التلاميذ و بأن سلوكه يمكن أن يُعدل بسهولة.

الحوار والنقاش:

يعتبر الحوار و النقاش من أهم الأساليب العلاجية التي يستخدمها المعلمون الخبراء فغالبية التلاميذ الذين يقومون بالشغب مثلا أو يتنمرون على الأخرين يعانون من مشاكل أسرية أو نفسية أو سبق لهم التعرض للعنف المادي أو للعنف المعنوي و لم يحصلوا على مساعدة أو لم يجدوا شخصا يسمع لهم. لذلك فالقيام بحوار هادئ مع التلميذ و السماع لمشاكله و فهم أسباب تصرفاته يمكن الأستاذ من إيجاد السبيل الناجع لعلاج هذه السلوكيات السيئة و في الوقت نفسه يكون قد كسب ثقة المتعلم فيه.

المهام الإضافية:

من البدائل التربوية كذلك لإشراك التلميذ المنعزل أو المشاغب أو المتكاسل هي تكليفه ببعض المهام الصغيرة داخل القسم حتى يحس بأنه مهم، مثلا تكليفه بمسح السبورة عند الانتهاء من الكتابة أو تكليفه بتوزيع الدفاتر على التلاميذ أو تكليفه بتسجيل المشاغبين أثناء صلاة الأستاذ داخل القسم أو تكليفه بمساعدة المتعلمين الأخرين في أمور يحسن هو القيام بها، هكذا يصحب التلميذ شريكا في الحياة داخل القسم مما يدفعه إلى المشاركة في الدرس بعد تغلبه على الخجل....

شارك المقال لتنفع به غيرك

7774673206035171072
https://www.moualimi.com/