نظريات في منهج البحث العلمي WORD
" وصف وعرض للكتـاب "
هذا الكتاب هو: "نظريات في مناهج البحث العلمي" للدكتور/ عبد المقصود عبد الغني رحمه الله، وهو من طبع مكتبة الزهراء 1993م ، ويقع في 321 صفحة.
وقد قسم المؤلف رحمه الله تعالى كتابه إلى:
مدخل وثلاثة أبواب:
المدخل : في مقدمات عامة في المنطق.
الباب الأول: نظرية القياس المنطقي.
الباب الثاني: نظرية القياس الأصولي.
الباب الثالث: نظرية الاستقراء التجريبي.
1. المدخل: تكلم فيه عن خمسة أبواب عنواً (مسائل):
المسألة الأولى: تعريف المنطق.
تكلم فيه المؤلف عن التعريفات التي ذكرت للمنطق عن المناطقة، وحصرها في ثلاث، كل منها يختلف عن الآخر بحسب الجملة التي ينظر إلى العام فيها.
نظر إليه البعض من الناحية العملية، وعرفه بأنه آلة أو صناعة لقصم الذهن عن الخطأ في الفكر.
ونظر الآخر نظرة معيارية، فعرف المنطق على أنه علمُ معياري تصبح قوانينه معايير، وموازين للمفكر ينبغي أن يرقى إليها كل تفكير صحيح.
ونظر البعض إلى المنطق من الناحية النظرية فعرّفه بأنه علمٌ نظري يتجه إلى معرفة الحقيقة لذاتها، أو معرفة قوانين الفكر كفكر بغض النظر عن التطبيق.
المسألة الثانية : طبيعة المنطق:
تحدث المؤلف في هذه المسألة عن الاختلاف الذي وقع بين المناطقة منذ القدم حول طبيعة المنطق، وهل هو علم يهتم بالكشف عن الحقيقة لذاتها، والبحث عن القوانين العقلية العامة للتفكير، أم هو فن من الفنون التي تهتم بالتطبيقات العملية ؟ أم يمكن الجمع بين العلم والفن معاً ؟ ! وطرح المؤلف ذلك الخلاف بداية من أرسطو الذي يرى المنطق مقدمة، ومدخلاً للفكر لا غنى عنه، ولم يعتبره علماً، ثم أتباعُه من المشائين.
ثم إنتقال المشكلة إلى المناطقة الإسلاميين خصوصاً المشائين منهم، وما نقل عن ابن سينا من اضطراب في العبادة تجعل القارئ لكلامه يظن أنه يقول بالقولين "أنه فَنٌّ وعلمُّ" والجمع بين القولين.
ثم تعرض لكلام المحدثين في المسألة، وبيان من قال بكونه علم ومن قال عنه إنه فن ومن حاول الجمع بين الاتجاهين ، ثم تناول مسألة أخرى ألا وهي إن كان المنطق علماً، فهل هو علم نظري أم معياري ؟ والاختلاف في ذلك.
المسألة الثالثة: نشأة المنطق.
ويتكلم فيه المصنف رحمه الله تعالى عن إجماع الباحثين على أن "المنطق يرجع في نشأته على أرسطو باعتبار أنه صاحب الفضل الأكبر في وضع مبادئ هذا العلم وأصوله، واكتمال مسائله، وجعله علماً مستقلا قائماً بذاته"، ولكن هذا وإن كان حقاً فإنه ينبغي أن تُفهم أن أرسطو ليس هو أول من أكتشف ذلك، فما هو إلا حلقة في سلسلة التاريخ الفكري الإنساني التي بدأت قبله بقرون عديدة كان للسابقين عليه فيها منهجهم أو منطقهم الخاص الذي اعتمدوا عليه في التفكير والاستدلال، وتوصلوا من خلاله إلى نتائجهم العلمية التي سجلها تاريخ العلم والحضارات.
فأرسطو "لم يبتكر المنطق بكل مسائله، وقواعده، وأصوله ابتكاراً بل كانت جهوده تكميلاً وتتميماً لجهود سبقته على الطريق ... فا "المنطق" لم ينشأ دفعة واحدة مكتمل المسائل مستوف القواعد والأصول ... بل لقد مهل السابقون له الطريق".
ثم يعرض المؤلف للسابقين على أرسطو بدأ بالسفسطائيين منتهياً بأفلاطون:
السوفسطائيون: يعرفهم المؤلف أنهم: "جماعة من اليونان ظهروا في القرن الخامس قبل الميلاد برعوا في مجال الجدل والخطابة، وادعوا الحكمة ولكنهم لم يبحثوا عن الحقيقة لذاتها، بل كانوا يبحثون عن وسائل النجاح في الحياة العملية" واستفاد منهم أرسطو في قياسه في الانتقال من العام إلى الخاص، أو من الكلي إلى الجزئي، وكان لهم رأي عام اعتمدوا عليه هو أن الخطأ مستحيل، لأن الفرد مقياس الأشياء جميعها فهو مقياس الحق والباطل، والخير والشر، والصواب والخطأ.
سقراط: جاء سقراط في حالة من الفوضى الفكرية أحدثها السوفسطائيون، فتصدى لهم وفند أباطيلهم وتتبعهم في كل مكان يجادلهم ويحاورهم، ليكشف خطأهم، واتخذ منهجاً جديداً، هو منهج التهكم والتولية، فوضع أسس فن الحوار أو فن توليد المعاني، وجعله سبيلاً لكشف الخطأ أو الباطل، وكانت طريقته تقف على التعريف الحقيقي للأشياء أي عن ماهية الشيء المعرف كما يقول أرسطو، فحاول استخدام القياس لكنه لم يوفق، ولم يهتد إلى ذلك، واستفاد أرسطو في التعريف المنطقي والمقدمات التي اعتبرها يقينية.
أفلاطون: اتخذ لنفسه منهجاً خاصاً عرف باسم منهج الجدل يعتمد على مرحلتين
الأول: الجدل الصاعد ... ينتقل العقل فيه من المحسوسات إلىالمعقولات.
الثانية: الجدل النازل، وهي عكس الأولى فأثر به أرسطو في تصنيف الكليات الخمس، وتقسيم القضية، وهي الطريقة التي تعتمد على القسمة المنطقية وتشبه إلى حد كبير التفكير الرياضي.
وكان يقصد وحضر حجة الخصم، بجره إلى التناقض مع نفسه وما هذا إلا نوع من المنهج الرياضي، وكذا أفاد أرسطو من ذلك في التقسيم الرباعي للقضية إلى موجبة وسالبة، وكلية ، وجزئية.
أرسـطو: سلك في تفكيره مسلكاً دقيقاً، واتخذ لنفسه منهجاً علمياً مبطئاً يبدأ بتحديد الموضوع المراد بحثه مستعرضاً لآراء السابقين ومتناولاً إياها بالنقد والتحليل، ثم يستخلص رأيه في ذلك، ورأي العلم يدرس ماهية الأشياء، لذا كانت دراسته تنصب على الصفات العامة الجوهرية التي تتسم بالثبات، فالعلم في نظره يدرس الماهية، أو المعاني الكلية.
حاول أن يكشف العلاقة بين القياس المنطقي، والبرهان الرياضي، وفطن إلى ذلك، فجوهر القياس عنده مأخوذ من التفكير الرياضي، بل إن القياس في مضمونه ليس إلا إحدى مراحل البرهان الرياضي.
والمنطق إلى عصرنا هذا ليس إلا إحدى مراحل البرهان الرياضي.
قوانين الفكر الأساسي:
هي القوانين العامة التي يسير عليها العقل في تفكيره:
قانون الذاتية ومعناها: أن الشيء هو : أي طبيعة الشيء وحقيقته ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ولكن تتغير صفاته وأحواله.
قانون عدم التناقض: أو معناه أن الشيء الواحد لا يمكن أن يكون نفسه وغيره معاً, وهو مرتبط بالقانون الأول، ومكمل له.
الوسط المرفوع: وهذا القانون يعني ألا وسط بين النقيضين، فلا وسط بين الإثبات والنفي، فالشيء إما أن يكون موجوداً: ولا موجوداً، ولا ثالث بينهما، وهذا القانون مكمل للسابق، ويشير المصنف إلى قانون رابع وضعه بعض الفلاسفة، وهو "لنبشز".
قانون السبب الكافي ، والعلة الكافية: ويعني هذا القانون أن كل موجود أو كل ما يمكن أن يوجد له سبب كاف يفسر لماذا كان على هذا النحو دون أن يمكن كونه على نحو هذا، وهذه القوانين في نظر الكثير من المفكرين والفلاسفة قوانين فطرية وضعها الله تعالى في العقل، وفطر الناس عليها فهي سابقة على التجربة.
ثم تكلم المصنف رحمه الله تعالى عن تقسيم أرسطو للمنطق إلى ثلاثة أقسام:
التصورات أو الحدود.
القضايا أو الأحكام.
الاستدلالات.
وأخذه منه كثير من المناطقة والفلاسفة كابن سينا، ومنهم من قسمها إلى قسمين: كالساوي في البصائر النصرية، فقسمها إلى تصور وتصديق ، وهو لا يختلف كثيراً عن تقسيم أرسطو لأنه يؤول إليه، لأنه قسم التصديق إلى نوعين :
1. قضايا.
2. استدلالات.
ثم تعرض لهذا الخلاف عند المحدثين، وختم مدخله بكلمة عن المنهج وظهورها في الفكر الإسلامي، والفكر المغربي، وأهمية تلك المسألة، رابطاً إياها بعلم المنطق، فالعلاقة بينهما وثيقة، وذلك أن المنطق هو الذي يضع نظريات المناهج وأصولها فالمناهج تعد مبحثاً من مباحثه أو فرعاً من فروعه.