النص السماعي رِسالَةُ مُهاجر pdf
مرحبا بك في مدونة معلمي؛
نقدم لك النص السماعي الأول : رِسالَةُ مُهاجِر pdf
- المجال : الحضارات الكونية
- المستوى : السادس من التعليم الابتدائي في المغرب
- مكون: التواصل الشفهي
- الوحدة: الخامسة 5
- الأسبوع: 23 و 24
- المرجع: منار في اللغة العربية
النص السماعي رسالة مهاجر
في 16 تشرين الأول 1951
رسالة مهاجر
وصل إلى كوناكري رجل في السادسة والثلاثين، ترك خَلْفَهُ في بيروت زوجة وولدين، ولكنَّهُ حَمَلَ لَهُمْ مَعَهُ حُباً لا يضاهيه إلا الأمل الذي كان يَغْمُرُ صَدْرَهُ بالحصول على الثروة والْعَوْدَةِ إِلَيْهِمْ حُلْمُ أَفَاقَ مِنْهُ عِنْدَمَا قَدْفَتْهُ الْبَاخِرَةُ عَلَى الْمَرْفَا بِوَجْهِ إفريقيا، يطوف نهارة في المدينة غريباً، ويأوي في اللَّيْل إلى زريبة مع بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رِفَاقِهِ يَنْظُرُونَ إِلى أحلامهم تتخاطفها الْجُرْدَانُ في تلك الزربية بينما تتخاطفُ مِنْ طَعامهم الرديء ومَتاعِهِمُ الْمُرقع الحقير.
ولَقَدْ هم مرارا بالرجوع مِنْ حَيْثُ أتى لولا أن تَلْقَاهُ ذاتَ يَوْمٍ أحد مواطنيه من المهاجرين القدَمَاءِ، أَرْكَبَهُ فِي سَيَّارَةِ، وَذَهَبَ بِهِ في أَدْعَالٍ لَيْسَ لها اسْمٌ ، ثُمَّ حَطَّه في مزرعة خيلَ إِلَيْهِ أَنها عَلى حُدودِ الْأَبَدِ، وقال له:
- تكون قيماً عَلى مَزْرَعَةِ الْمَوْزِ هَذِهِ التي هي لي، ويكون في خدمتك عِشْرُونَ مِنَ الْعُمَالِ الْأَفَارِقَةِ.
تحَصَّنَ الرَّجُلُ مِنَ الْحَشَراتِ السَّامة منذ البداية. وكان لا ينام إلا ضمن أستار سميكة تكاد تُحْمِدُ أَنفاسَهُ، وَأَمَّا الأفاعي فَلَمْ يَلْبَتْ أَنْ أَخَذَ يُسابق العمال الأفارقة في مطاردتها، لكن القدر كان يُهيئ له بالرَّغْمِ مِن احْتِيَاطِهِ، شَيْئاً آخر.
في إحدى الليالي عادَ الرَّجُلُ إلى كوجه فَلَمْ تَقْوَ يَداهُ على الامتدادِ إلى مأكل أَوْ مَشْرَبٍ، أَلْقَى جِسْمَهُ الْمَنْهُوكَ عَلَى الْفِرَاشِ وَفِي ظَنْهِ أَنَّهُ سَيَسْتَريحُ بَعْدَ أَنْ أَتمَّ عَمَلَهُ وأَقْفَلَ الْمَوْسِم. كان ينام ليالية السابقة منْهَا مِنْ فَرْطِ التَّعَبِ، غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَيْقَظَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلى آلام تفرقه مد يده إلى قنديل الكاز بجانب الفراش ليُشغله ، وينهض إلى زاوية في الكوخ التي حجبها بستارة مِنَ الْخَيْش، وجعل منها حماما، لكن ركبتيه خانتاه. وحين تمسك بالستارة هوى معها إلى الأرض. ونظر إلى ضوء القنديل الكليب ضربته الشَّمْسُ ضربتها، وتركت علاماتها على وجهه. لَمْ يَجِدُ بجواره مَنْ يُسْعِفُهُ.
في الصباح وجد نَفْسَهُ محمولاً على مِحَقَّةٍ يَأْخُذ بها عاملان كانَتِ الشَّمْسُ قَدْ عَلَتْ فِي الْأُفُقِ، نَظَرَ الرَّجُلُ حَوَالَيْهِ فَأَدْرَكَ أَنَّ الجماعة تعيده إلى فراشه بعد أن قدمت له كل الإسعافات الضرورية التي أَنْقَدْتُهُ
توفیق یوسف عواد طواحين بدوت مكتبة لبنان بيروت 1991، 5، الصفحة 190 وما بعدها ( بتصرف)
إرسال تعليق