مجال الحضارات الكونية 

النص السماعي : القاهرة 

القاهرة 

تَقعُ القَاهِرَةُ تَحْت سفح جبل الْمُقَطَّمِ تُحيط بها أسوار جميلة متينة ذات أبواب بَدِيعَةٍ مُصَفَّحَةٍ بِالْحَديد.... وفي المدينة صناع وتجار، وعدد من المدارس التي تثير الإعجاب بأبعادها وحسن بنائها وَزَخْرَفْتِها، وكذلِكَ عَدَدٌ مِنَ المساجد المنسجمة البديعة، وَيَضُمُّ حَيّ يُسمّى " بَيْنَ الْقَصْرَين " ذكاكينَ يُبَاعُ فيها اللَّحْمُ النَّاضِحُ، كُلَّهَا مُجَهَّزَهُ بِأَوان من قصدير، وتباع في أخرى مياة مصنوعة من جميع أنواع الأزهار، ومذاقها رفيع جدا. 

وبعيداً من هنا توحد فنادق الباب الصوفية المستوردة كذلك من جميع بلاد أوربا. وفي الجانب الآخر يوجد رقاق يُقيم فيه بائعو العطور كالمسك والعنبر، وعلى جانب مِنْ هَذا الزقاق ما يُفضي إلى حي يُبَاعُ فِيهِ الْوَرَقُ الجميل الصقيل والتجارُ الَّذِينَ يبيعون هذا الورق يبيعون أيضاً الأحجار الكريمة، يحملها الدلال من دكان إلى دكان معلناً اللَّمَنَ لِلْمَرَادِ. وفي الْقَاهِرَةِ مارستان كبير يجد فيه المريض كل التسهيلات والعلاجات الطبية، وجميع ما يحتاج إِلَيْهِ حتى الشفاء. 

وفي خارج القاهرة توجد قلعة السلطان، ومهما تبعد من السكان تَسْمَعُ عَنْها معلومات عن القصور البديعة المفروشة يقطع مِنَ الْمَرْم، مُختلِفة الألوان منسقة بكيفية عجيبة، وسقوفها كُلُّها مكسوة بالذهب وأَحْسَنِ الْأَلْوَانِ، وَنَوافِدُهَا مُزْدَانَهُ بالزجاج الملون مِثْلَ ما يُشاهَدُ في بَعْض أماكن أوربا، وشكانُ الْقَاهِرَةِ متى تُصاحِبُهُمْ تَجِدْهُمْ أَنَاسًا طَيِّبِينَ يُرَاوِلُونَ التجارة والصناعة، ويرتدون لباساً حسناً يكون في الشتاء عبارة عن ألواب صوفية وأخرى مَحْشُوةِ بِالْقُطْنِ، وَيَلْبَسُونَ فِي الصَّيْفِ قمصانا من القماش الرقيق، ويضعون فوقها ملابس منسوجة من الخرير المخطط بالألوان، وعَلَى رُؤوسِهِمْ عَمَائِمْ كَبِيرَةٌ مِنْ قماش مُسْتَوْرَدٍ مِنَ الْهَنْدِ. أَمَّا لِباسُ السَّيِّدات فَهُوَ فَاخِرُ، يَحْمِلْنَ أكاليل على جباههنَّ وعُقوداً في أَعْنَاقِهِنَّ، وَيَضَعْنَ عَلَى رؤوسهن غطاء ثمينا، وفستانهنَّ مصنوع بعناية ومزدان بطرز جميل، ويتدثرن بغطاء من نسيج القطن بالغ الدقة والنعومة مُسْتَوْرَدٍ مِن الهند، ويَنْتَعِلْنَ أَخفافاً أَوْ أَحْذِيَة جَميلَة على الطراز التركي. 

وفي الْقَاهِرَةِ عَدَدٌ مِنَ الْبَاعَةِ الْمُتَجَولين يبيعون أشياء متنوعة كالفواكه والجبن واللحم النيء والمطبوخ، إلى غير 

ذَلِكَ مِنَ الْمَوَادُ الْغِذَائِيَّةِ. 

الحسن الوزان وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، 10832، ج 2، في 217,203 ( مصرف )