مجال المواطنة و السلوك 

النص السماعي : تَعاوُنٌ مُثْمِرٌ 

تَعَاوُنَ مُثْمِرٌ 

تَحْتَ شَجَرَةٍ وارقةٍ وَسَط الغابة، توجد ثلاث ممالك لِلنَّمْلِ مَمْلَكَةٌ لِلنَّمْلِ الأسود، ومَمْلَكَةٌ ثانِيَةٌ لِلنَّمْلِ البني. 

أَمَّا الْمَمْلَكَةُ الثَّالِثَة فهي لِلنَّمل الأحمر. كانَتْ هَذِهِ الْمَمالِك تعيش في غداء متواصل، فكثيراً ما تنشأ بينها معارك شديدة، لأنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنَ النَّمْلِ يُرِيدُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ الْأَقوى. وكان يعيش في الْعَابَةِ حَيَوانٌ شِرِّيرُ يُدْعَى أَكِلَ النَّمْلِ يَمْلِكُ هَذَا الْحَيَوَانُ مَخالِبَ طويلة حادة ينبش بها الْأَرْضَ، وخرطوماً طويلاً يَبْحَثُ بِهِ عَن النَّمْلِ. هَذَا الْحَيَوَانُ الشَّرِّيرُ شَرَّهُ جداً، فهو يلْتَهِمْ مِئَاتِ النَّمَلاتِ يَوْمِياً. 

عَلِمَ أَكِلُ النَّمْلِ بِأَمْرِ الممالك الثلاث، فسال لعابه، وفي الْغَدِ، ذَهَبَ إلى الشَّجَرَةِ الَّتِي يَعِيشُ تَحْتَهَا النَّمْلُ الْأَسْوَدُ وَالْبُني وَالْأَحْمَرُ، ثُمَّ بَدَأَ يَنْبِسُ التُرابَ ويَأْكُلُ ما لذ وطابَ لَهُ مِنْ أنواع النَّمْلِ. وَعِنْدَما شيعَ، قَالَ لِلنَّمْلِ مُسْتَهْزِنَا : " أَنْتُمْ غذائي، وَسَأَرُورُكُمْ يَوْمِيّاً لأَحْصَلَ عَلى وَجْبَةٍ لَدَيدَةٍ. أَمَّا النَّمْلُ فَقَدْ حَزنَ وَفَرَعَ لِمَا يَنْتَظِرُهُ مِنْ مُسْتَقْبَلِ مُخيف. 

كانَتِ النَّحْلَةُ الْحَكِيمَةُ تُراقِبُ ما يَحْدُث. فَقَرَّرَتْ أَنْ تُقَدِّم نصيحة للنمل. قالت لهم: أيُّها النَّمْلُ، أَنتُمْ تَتَشاجَرُونَ دَوْماً. وَتَتْرُكُونَ أَنْفُسَكُمْ فَرِيسَةٌ سَهْلَة لأكل النَّمْلِ اللهم أَنْصَحْكُمْ أَن تَنْبُدُوا خلافاتكُمْ، وأن تتعاونوا لِتَصُدُّوا هَذَا الْخَطَرَ الرَّهيب ففي الاتحاد قوة. ثُمَّ طارت، وتركت النَّمْلَ يُفَكِّرُ فِي كَلِماتِها الحكيمة. 

وبعد تفكير عميق، رأى النَّمْلُ الْأَسْوَدُ وَالْبُنِّيُّ وَالْأَحْمَرُ أَنَّ النَّحْلَةَ عَلَى حَقٌّ. 

وفي الْغَدِ أَتى آكِلُ النَّمْلِ لِيَأْخُذ وجبة شهية وسهلة. واقْتَرَبَ مِنَ الْمَمالِكِ الثَّلاثِ، فَجْأَهُ خَرَجَتْ عَشْرُ نَمَلَاتٍ مِنْ كُلِّ مَمْلَكَةِ، وَأَخَذَتْ تَنْتُرُ التُرابَ فِي عَيْنَيْهِ، فَأَغْلَقَهُما مُتَأَلَّما ثُمَّ خَرَجَتْ مِائَةُ نَمْلَةٍ مِنْ كُلِّ مَمْلَكَةٍ، وَصَعِدَ هَذَا الْجَيْشُ مِنَ النَّمْلِ بِسُرْعَةٍ فَائِقَةٍ عَلى جِسْمِ الحَيَوانِ الشَّحْمِ، وتوزع بطريقة منظمة الجهَ النَّمْلُ الْأَسْودُ إِلَى خُرْطُومٍ آكِلِ النَّمْلِ، والتَشَرَ النَّمْلُ الْبُني عَلَى جَسَدِهِ ، أَمَّا النَّمْلُ الْأَحْمَرُ فَقَدْ أَحاطَ بِذَيْلِهِ. وفي وقت واحِدٍ وَتَناسُقٍ مُدْهِشٍ، قَرَصَتْ كُلُّ نَمْلَةِ الْحَيَوَانَ الضَّخْمَ قَرْصَة لاذعة، صَرَحَ عَلى إثرها مِنَ الْآلَمِ، ثُمَّ نَفَضَ عَنْ جِسْمِهِ النَّمْلَ الَّذِي هَزَمَهُ بِالاتحادِ وَالتَّعَاوُنِ وفر لا يلوي على شَيْءٍ، وَلَمْ يَعُدْ إلى مَمالِكِ النَّمْلِ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَبَداً. 

أسامة صفراوي قصص مهارات الحياة، مجموعة قصص الغرس القيم في الأطفال دليل عملي للمربين والأولياء (نسخة الكترونية ص 60 

Booka-library stutne_noo65c13693ee9c19ee64cln5_2324PDF