النص السماعي أمجاد مدرسة عريقة مكتوب
كتاب التلميذ: الواحة في اللغة العربية المستوى الرابع المنهاج الجديد
أنا أول مدرسة إسلامية في الدنيا. لقد مر على بنائي أكثر من أحد عشر قرنا، حين أسست فاطمة أم البنين الفهرية عام 245 ه جامعي للصلاة و التدريس. و من بين العلوم التي كانت تدرسُ؛ التفسير، و الحديث، و النحو و اللغة، و التصريف، و الحساب، و التاريخ، و الجغرافية، و الطب، و القضاء، و الأدب.
لما شعر المغاربة بقيمة الشيخ الأستاذ، أولوه كامل الاعتناء و التبجيل، فكان لمدرسي العلم الحظوة الكاملة عند الدولة و الشعب..حيث يُقدم لهم كل ما يحتاجون إليه طوال السنة؛ من لمحم و حبوب و زيوت و سمن و صابون، كما كانوا يتمتعون بحق السكنى مجانا، و ملزمين بالسكن في فاس، فهم لا يتقاضون أجرة؛ فالأجرة على التدريس، في الغالب، كانت معدومة، أو تكاد.
التعليم في رحابي مجاني، و لم يكن يُجرى أي امتحان للطلبة، بل كان الشيوخ يُعطن الإجازة لتلاميذهم المتفوقين، و مع هذه الإجازة الخاصة، كان يُظم حل يحضره أساتذتي و طلبتي، فيلقي كل أستاذ على الطالب الذي أكمل دراسته أسئلة في مختلف العلوم، فإذا وُفق في الأجوبة، عينه القاضي في الطبقة الرابعة للعلماء.
درس بي طلبة تواردوا علي في مختلف العصور، من طرابلس و تونس و الجزائر..حتى بلغ عددهم سبعمئة، بينما لم يكن عدد الأساتذة يتجاوز في الغالب الأربعين، و استمر هذا النظام التقليدي حتى عهد الاستقلال عام 1956، ثم أدخل نظام حديث، صيرني جامعة؛ فعدلت البرامج، حيث أُدرجت العلوم الحديثة، و بعض اللغات الحية، كما أسست بين أحضاني كليات؛ للشريعة بفاس، و لأصول الدين بتطوان، و للغة بمراكش، و جامعة ابن يوسف بها كذلك.
و طيلة عمري، تخرج في علماء أفذاذ، لا تزال آثارهم الرائعة تشهد بقيمتهم العلمية الفذة، و بأمجاد معلمةٍ حضارية مغربية عريقة. فهل عرفتم من أنا؟
معطيات الحضارة المغربية الجزء الأول الطبعة الثالثة 1963 دار الكتب العربية الرباط صفحة 119 و ما بعدها