بعد أن فشلت كل السبل في إقناع "الأساتذة المتعاقدين" بالعدول عن إضرابهم، يبدو أن وزارة التربية الوطنية ماضية في خيار التصادم مع الشغيلة التعليمية، عقب إعلانها مباشرة مسطرة طرد "من يعرقلون المرفق العام ويمسون بحق التلاميذ في التمدرس"، في إشارة إلى قيادات التنسيقية الذين هددتهم بـ "الشروع في عزلهم، وهذا قرار الحكومة، وسيتم من طرف مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، لأنهم هم الذين وظفوهم".
ورغم "اليقينية" التي يتحدث بها الوزير الوصي على القطاع، سعيد أمزازي، إلا أن العديد من القانونيين أثاروا التساؤلات حول القانون المنظم لمسطرة الطرد باعتبار المتعاقدين غير معنيين بقانون الوظيفة العمومية، لكونهم يشتغلون لدى الأكاديميات الجهوية، لكن عدم خروج القانون الأساسي المنظم لهذه الفئة المعنية بالتوظيف الجهوي إلى حيز الوجود إلى حدود اللحظة، يجعل وضعيتهم مبهمة على المستوى القانوني.
حميد بوهدا، محام بهيئة الدار البيضاء، قال إن "مسطرة ترك الوظيفة العمومية التي تحدث عنها الوزير أمزازي معقدة جدا على المستوى القانوني"، وتساءل: "هل يدخل الإضراب بدوره ضمن الأمور التي تستوجب تحريك مسطرة ترك الوظيفة"، مجيبا بأن "من يشملهم القانون في هذا الصدد هم الفاقد للعقل أو المنقطع بدون مبرر، أما المتعاقدون فهم معلنون لإضرابهم وبرنامجهم ومتشبثون بحقهم الدستوري".
وأضاف بوهدا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "مسطرة الوظيفة كما جاء في الفصل 75 مكرر، المقابل للفصل 68 من قانون موظفي الأكاديميات، تعطي الحق في إنذار الأستاذ إذا تغيب لسبعة أيام، ثم يصدر قرار بقطع الأجر أجله 60 يوما، لكن في حالة عودته قبل انقضاء مدة الشهرين، تعود المسطرة التأديبية العادية".
وأوضح المحامي ذاته أن "المسطرة العادية تقتضي عقد المجلس التأديبي وإعطاء الأستاذ فرصة الدفاع عن نفسه وتوكيل محام"، مشيرا إلى أن "الأساتذة يمكن أن يواصلوا إضرابهم حتى اليوم 59 ويعودوا إلى الفصل دون تأثر، سوى المجلس التأديبي العادي، ومن الصعب إصدار قرار بالطرد من الوهلة الأولى، حيث يلزم القانون بمبدأ التدرج، وضمنه سلك مسطرة التوبيخ والإنذار وغيرها، والفصل هو آخر عقوبة تضع حدا لحياة الموظف داخل الوظيفة".
وشدد بوهدا على أنه "من حق الأساتذة تقديم تظلمات، ويمكنهم العودة إلى الاضراب مرة أخرى لمدة 60 يوما بعد مرورهم من المجلس التأديبي"، لافتا إلى أن "الطرد لا يمكن أن يتم بجرة قلم"، مضيفا: "في حالة رجوع الموظف داخل مدة 60 يوما من قطع أجرته، فالمسطرة قد تتطلب أزيد من 6 أشهر قبل صدور قرار المجلس التأديبي الذي يقبل الطعن أمام القضاء الإداري، وهو ما يعني عرض أزيد من 50 ألف ملف على المحاكم الإدارية، ومن ثم سننتقل من إهدار الزمن المدرسي إلى إهدار الزمن القضائي".
هسبريس - نورالدين إكجان