أطفال الأمهات الصارمات أكثر نجاحاً

الكاتب: مدونة معلمي وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
نبذة عن المقال: دراسة علمية تؤكد بأن الأم الصارمة تنتج لنا أطفالا ناجحين و متفوقين في دراساتهم

أطفال الأمهات الصارمات أكثر نجاحاً

أطفال الأمهات الصارمات أكثر نجاحاً

مرحبا بك في مدونة معلمي،


هل تحقق صرامة الوالدين نجاحا للأطفال؟

يطمح كل الأطفال وخصوصا الذين يتواجدون منهم في مرحلة المراهقة إلى الحرية المطلقة والاستقلال في اتخاذ القرارات، غير أن هذه الطموحات تصطدم غالبا بقواعد الانضباط التي يفرضها عليهم الوالدان. بطبيعة الحال، فإن هذه القواعد الصارمة تكون مزعجة للأطفال لأنهم لا يفهمون أهدافها ويعتقدون بأن الهدف الوحيد من هذه القواعد هو تعذيبهم وابعادهم عن الأشياء التي يحبونها.

وغالبية هذه القواعد الصارمة تكون في مصلحة الطفل أولا وأخيرا وهي المفتاح لنجاحهم المستقبلي فبحسب عدة دراسات علمية تبين بالملموس بأن الصرامة التي يتعامل بها أولياء أمور الأطفال تساهم بشكل كبير في نجاح أطفالهم مستقبلا مقارنة بالأطفال الذين تعرضوا للدلال الكثير في طفولتهم.

أهمية الصرامة والحزم من الوالدين في تنشئة الطفل

استنادا الى الدراسة المطولة التي أجرتها العالمة إيريكا راسون راميريز Ericka Rascon-Ramirez بمساعدة فريقها البحثي والتي استغرقت أكثر من ست 6 سنوات وكان هدف الدراسة التي شارك فيها حوالي 15 ألفا و500 تلميذا وتلميذة في سن المراهقة تقريبا (ما بين 13 و14 سنة عمرية) كان هدفها التأكد من أثر صرامة وحزم الأمهات على مستقبل هؤلاء الأطفال.

Ericka Rascon-Ramirez


خرجت البروفيسورة إيريكا راسون راميريز بخلاصة مفادها أن الأطفال الذي نشأوا وترعرعوا تحت رعاية الأمهات الصارمات والحازمات كانوا أكثر نجاحا في حياتهم الدراسية وبأنهم تملكوا ثقة أكبر بالنفس مقارنة مع أقرانهم الذين ترعرعوا مع الأمهات غير الحازمات. أشارت الخلاصة العلمية كذلك بأن تأثير الأمهات الحازمات على أطفالهن امتد لجعل هؤلاء الأبناء أكثر نضجا من الناحية العاطفية والاستقلالية النفسية وقد تمكنت الغالبية العظمى من هؤلاء من إنهاء دراساتهم الجامعية وحصلوا على مناصب ومرموقة في المجتمع الذي يعيشون فيه وهي الأمور التي ساهمت في نجاحهم في حيواتهم الشخصية والأسرية بعد ذلك.

الصرامة الحكيمة والحزم المعتدل

غالبية الأبحاث التي تم اجراؤها على الأطفال أشارت إلى أن التربية المتوازنة التي يحس فيها الطفل بالأمان، والتي تشمل كذلك الحزم والصرامة تدفع الطفل إلى تطوير مهاراته الحياتية بشكل أفضل مقارنة بأقرانهم الذي كانوا ضحية للدلال الزائد من طرف آبائهم.

فالصرامة والحزم هنا لا يعني العنف والقمع وإسكات الآراء المختلفة داخل المنزل الأسري وإنما هي متعلقة بالحدود والخطوط الحمراء والأهداف والمعايير التي يضعها الوالدان لأطفالهم. هذه المعايير التي تبدو للأطفال مرتفعة وصعبة التحقق تدفع الأطفال إلى بذل المزيد من المجهودات لتطوير أنفسهم والارتقاء بها لكي يكونوا عند حسن ظن أسرهم.

تطبيق القواعد والمعايير والقوانين بشكل حازم لكن بحكمة وموعظة حسن يدفع الأطفال إلى فهم أفضل للقيم الأخلاقية ومبادئ العمل الشريف والاحترام والمسؤولية، وهو الأمر الذي يقوم بجعل أداءهم الدراسي أفضل وأحسن مع مرور الوقت وتصاعد التحديات.

انعكاسات الحزم المفرط

كما ذكرنا في الفقرات أعلاه تنفع الصرامة الحكيمة بشكل كبير في تشكيل الشخصية المستقبلية للطفل الذي كانت أمه صارمة بعدل وبحكمة، غير أن الصرامة المفرطة والإفراط في الحزم لابد أن يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. تعرض الطفل للانضباط شبه العسكري الصارم منذ طفولته وحرمانه من عيش طفولته بشكل طبيعي يؤدي إلى الكثير من العواقب اللحظية والمستقبلية، مثل الكذب من أجل تجنب العقاب والتوبيخ وللهروب من الضغوطات، ويمكن للعلاقة التي تستعمل فيها الصرامة المفرطة أن تؤدي إلى بناء علاقة خوف بين الأسرة والطفل، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه هذه العلاقة مبنية على الاحترام والحب والتفاهم.

بالإضافة إلى كل ما سبق نذكر هنا بعض التأثيرات السلبية الناتجة عن الصرامة والحزم المفرط من الوالدين اتجاه أطفالهم:

اضعاف العلاقة المبنية على الود والاحترام

بالرغم من تطبيق الطفل قوانين والديه الصارمين إلا أن هذا التطبيق لا يكون ناتجا الحب وعن فهمٍ لأسباب هذه الصرامة الزائدة، بل يكون هذا التطبيق ناتجا عن الخوف وتجنب العقاب الجسدي والنفسي، وعندما يكون الطفل وحده أو بعيدا عن مراقبة الوالدين فإنه يقوم بعكس الأفعال التي يطلبها والديه ويقوم بأفعال أخرى. ولهذا نقول بأن الطفل يجب أن يفهم القوانين ويفهم لماذا يجب عليه أن يقوم بشيء ما ولماذا يجب عليه تجنب شيء أخر، هذا يساعده ليكون طرفا مشاركا في عملية التربية.

تشجيع السلوك المتمرد عن الأطفال

كما يقال دائما " إذا زاد الشيء عن حده انقلب الى ضده" فالصرامة المفرطة والحزم طوال الوقت يخرج لنا أطفالا متمردين، بسبب حرمان الطفل من حقه في اللعب أو من حقه في الاختيار أو من حقه في التعبير عن نفسه بما يخالف أسرته (في حدود المسموح به أخلاقيا وتربويا بطبيعة الحال) فيعتبر الطفل نفسه سجينا داخل هذه الأسرة يقتنص كافة الفرص ليتمرد على نظامها سواء كان نظاما تربويا أو أسريا أو حتى دينيا. وفي كثير من الأحيان يصدم الآباء من تصرفات أطفالهم بعد استدعائهم من طرف المدرسة للشكوى، فيقولون بأن طفلنا مهذب لا يقتل حشرة...

تشجيع الكذب لتجنب المواجهة والعقاب

يختار الطفل الذي يتعرض للصرامة القاسية في التربية الطريق الأسهل دائما وهي بطبيعة الحال الكذب، يكذب من أجل تفادي المشاكل والكلام الجارح من والديه، ويستعمل هذا الكذب لأتفه الأسباب حتى يصبح عادة حياة، ولذلك يجب دائما تقبل الحقيقة من الأطفال واحترام اعترافاتهم وتشجيعها، هذه الثقافة تنتج لنا شخصا يخبر الحقيقة دائما ويتحمل مسؤوليته فيما فعله ويواجه حاضرة ومستقبله بتجاربه وليس بالكذب.

الطفل الخائف لا يمكن أن يكون رجلا شجاعا في المستقبل

بعض الآباء سامحهم الله يفرحون عندما يخبرهم شخص ما بأن ابنهم يخاف منهم وذلك نتيجة استعمالهم مختلف وسائل القمع الجسدي والنفسي والفكري. الخوف ليس حلا ولا ينتج إلا أطفالا مشوهين ورجال مستقبل خائفين ومعقدين، لذلك يجب نشر ثقافة الاختلاف والمشاركة في التربية مع أطفالنا وتربيتهم على ثقافة الاختيار والاحترام والمسؤولية بدل الخوف والتهرب من تحمل العواقب.

التوازن بين الصرامة والمرونة:


تتجلى الموازنة بين الصرامة و المرونة في الطريقة التي يصطاد بها الصياد الأسماك و هذا المثال يبين لنا بشكل مشابه كيف يمكن للآباء إيصال أطفالهم إلى بر الأمان و يصبحوا رجالا قادرين على تحمل مسؤولية أنفسهم وأسرهم و قيادة مجتمعاتهم، فالصياد يحتكم إلى جذب خيط الصيد مرة و يرخيه مرة أخرى و الهدف دائما اتعاب السمكة لكي تتأقلم مع هذا الوضع، فالجذب الدائم سيؤدي إلى تقطيع الخيط ولو كان قويا و الارخاء الدائم سيؤدي إلى هروب السمكة و خروجها عن سيطرة الصياد، هذا مثال فقط يمكن لكل شخص أن يستخرج منه ما يوافق الموازنة بين الصرامة و المرونة في تربية أطفاله.
التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

7774673206035171072

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث