كيفية اكتشاف التحرش ضد الأطفال وطرق الحماية منه
التحرش الجنسي ضد الأطفال من أخطر الجرائم التي قد يتعرض لها الطفل والتي تهدد وتؤثر سلبا على حالته النفسية والجنسية سواء على المدى القريب أو المدى البعيد. فهذه الجريمة التي تشمئز منها الأنفس السليمة وتعافها الفطرة النبيلة مدمرة لطفل اليوم وقاتلة لرجل الغد.
سنحاول في هذا المقال أن نستعرض بعض أهم الأعراض والسلوكيات التي من الممكن أن يظهرها الطفل ضحية التحرش الجنسي. بالإضافة إلى بعض طرائق حماية الطفل من التحرش الجنسي وحمايته لنفسه من هذا الجرم الخطير.
بعض الأعراض التي يظهرها الطفل ضحية التحرش
تبدو جليا على الأطفال ضحايا التحرش الجنسي مجموعة من الأعراض الواضحة في سلوكياتهم ونفسياتهم. هذه الأعراض غير متشابهة عند جميع الأطفال ضحايا التحرش لأنها متعلقة بشخصية الطفل وعمره ونوعية الاعتداء الجنسي الذي تعرض له لكننا سنذكر هنا أهم الأعراض المشتركة بين هؤلاء الضحايا ومنها:مشاكل النوم وكثرة الأحلام المزعجة:
غالبا ما يلاحظ في الطفل ضحية التحرش اضطراب في النوم وتغير في ساعات نومه وانفعالاته المتعلقة في الأحلام والتي قد تسمع في بعض الأحيان، حيث يتعرض الطفل لكوابيس متكررة بسبب الصدمة النفسية والجسدية التي تعرض لها. يمكن للآباء ملاحظة هذا التغير في النوم واكتشاف موعد بداية التغير.العزلة والتقوقع الاجتماعي والابتعاد عن المجتمع:
قد يبدي الطفل ضحية التحرش الجنسي سلوكا مغايرا بشكل مفاجئ، حيث يبتعد عن المجتمع ويكره الخروج من المنزل ويفضل البقاء وحده، حيث يبتعد عن كل أصدقائه وكلما عرض عليه الخروج لسبب ما فضل البقاء وحيدا مقدما أسبابا واهية.الوسواس القهري والأفكار القهرية:
قد تظهر على الطفل مجموعة من الأفكار القهرية المتكررة والتي لا تبدو منطقية لمحيطه، هذه الأفكار القهرية تدفعه للسيطرة وقمع مشاعره الشخصية وميولاته واهتماماته وربما يحمل نفسه مسؤولية تعرضه للاغتصاب لأسباب واهية.تزايد الأفكار الإنتقامية لدى الطفل:
قد تظهر على الطفل علامات تدل على رغبته في الانتقام من عائلة ما أو من شخص ما أو من محيط ما، فتجده مثلا يكره عائلة أو أسرة لأسباب مجهولة للعائلة أو يكره أبناء الحي الفلاني جميعهم بسبب تحميلهم ما حديث له من شخص ينتمي لذلك المحيط.التبول اللاإرادي ليلا:
يعاني الأطفال الذين يشعرون بالخوف والذين يتعرضون للتعنيف من طرف أسرهم للتبول اللاإرادي، لكن الطفل ضحية التحرش الجنسي تظهر عنده علامات التبول اللاإرادي بشكل فجائي على غير عادته دون معرفة الأسباب من طرف عائلته حيث يصعب عليه التحكم في مثانته ليلا حيث تؤدي الكوابيس المخيفة التي يتعرض لها إلى إفراز هرمونات مثل الأدرينالين الذي قد يسبب استرخاء في المثانة وبالتالي التبول اللاإرادي.مشاكل في السيطرة على الانفعالات:
قد يظهر الطفل صعوبة في التحكم في انفعالاته النفسية حيث تصبح غير متزنة مثل الغضب المفاجئ أو البكاء لأتفه الأسباب بالرغم من أنه تجاوز هذه المرحلة العمرية.الاكتئاب وفقدان الشغف
يتعرض بعض الأطفال ضحايا التحرش الجنسي لفقدان الشغف في كل شيء، حيث تصبح الألعاب التي كانت تعجبهم مملة غير ممتعة ويصبح أصدقاؤه بلا فائدة من وجهة نظره بدون سبب، ويصبح غير الإرضاء، حتى لو دعي لممارسة الأنشطة التي كانت تعجبه قبل تعرضه للحادثة الأليمة.تراجع المستوى الدراسي للتلميذ:
من المؤكد بأن بالتلميذ ضحية التحرش الجنسي سيتعرض لاهتزازات في تحصيله الدراسي، وذلك يعود لتشتت انتباهه وقلة تركيزه وفقدانه للشغف والمتعة في التعلم. ويمكن ملاحظة هذا التغير بشكل مفاجئ في التلميذ من طرف أساتذته ومعلميه.حصول تشويه سلبي في تقدير الذات:
يشعر الطفل الضحية لمجموعة من التغيرات في تقديره لذاته كالخجل المفرط والشعور بالذنب أو الدونية وربما تحميله لنفسه مسؤولية التحرش الذي تعرض له وتبرئة الجاني. يتخلى الطفل بكل سهولة عن أشيائه من الألعاب ويتراجع عن مواقفه وأراءه بمجرد نقاش بسيط مع الأخرين.عدم الشعور بالأمان وفقدان الثقة في الجميع:
قد يركن هذا الطفل الضحية إلى تحميل المسؤولية للجميع كذلك وقد يشعر بأنهم كلهم مشاركون في الجريمة أو بأنهم يعلمون عن هذا الفعل الشنيع ولم يفعلوا شيئا، لذلك تجده يشعر بالخوف من الناس خصوصا في حالات الانعزال معهم فيبتعد قدر المستطاع عن الجميع.أفكار ووساوس انتحارية:
قد يصل الأمر بالطفل الضحية إلى التفكير في إيذاء نفسه بمختلف الطرق أو إنهاء حياته بسبب اعتقاده باستحالة اصلاح الضرر النفسي والجسدي الذي تعرض له. هذا الأمر نادر بالنسبة للأطفال الصغار لكنه قد يحدث في الحالات شديدة الخطورة.تجنب الاتصال البصري والنظر المباشر:
شعور الطفل بالخجل مما تعرضه له يدفعه إلى فقدان الثقة بنفسه وبالتالي عدم قدرته في التحديق المباشر في أعين الآخرين فيتجنب التواصل البصري المباشر ويدفع دائما بصره لنقطة بعيدة عن الشخص المتواجد أمامه.الهدر المدرسي:
يصبح الطفل كارها للتوجه للمدرسة بسبب شعوره بعد الأمان أو بالخوف من استهزاء الآخرين وفي بعض الحالات التي لا تراقب فيها الأسرة ابنها فإن الطفل قد يخرج من المنزل بمحفظته لكنه لا يتوجه للمدرسة، بل يبقى بعيدا إلى أن تحين ساعة العودة من المدرسة.كيفية حماية الطفل من انعكاسات تعرضه للتحرش الجنسي؟
قد يبدو بأنه لا مفر من الهزات العاطفية الشديدة التي قد يتعرض لها الطفل ضحية التحرش، لكن هناك دوما وسائل وطرائق لحماية الطفل من آثار الصدمة وتقليلها قدر المستطاع ونذكر من بينها هنا:المرونة النفسية للطفل وقدرته على التكيف:
يملك بعض الأطفال مرونة فطرية تمكنهم من التعافي والخروج من الأزمات العاطفية والجسدية التي يتعرضون لها وذلك بمساعدة من محيطه العائلية أو الدراسي. كما يمكن تنمية هذه المهارة لدى جميع الأطفال وتشمل التكيف مع الصدمة في المرحلة الأولى والتعافي منها في المرحلة الثانية.الحضن العائلي والدعم الاجتماعي المدرسي
يساهم الاحتواء والحضن الأسري للطفل في سرعة تعافيه من التحرش الذي تعرض له، حيث يجب الوقوف مع الطفل ودعمه وتفهم أحاسيسه ومشاعره، مع تجنب تحميله أي مسؤولية فيما حدث. يجب أن يفهم الطفل أن مثل هذه الأمور تحدث للناس الطيبين من طرف بعض الأشرار ويجب أن يواجهوها بقوة وأن يتحلوا بالشجاعة للتغلب عليها. ونفس الأمر يجب أن يحدث في المدرسة بأن يتكاتف الجميع لدعم الطفل معنويا ونفسيا وتوضيح هذا الأمر لجماعة القسم حتى لا يستعملوا الأمر في نكت أو يتنمروا على الطفل مما سيزيد الأمور تعقيدا.اللجوء للطب النفسي أو للاختصاصيين:
في بعض الأحيان تتفاقم المشاكل النفسية والجسدية لدى الطفل بسبب الأثار السلبية لما حدث وبسبب ضعف قدرة الأسرة والعائلة على احتواء الطفل، ولذلك من الأفضل اللجوء للمختصين أو للأطباء النفسانيين المجربين للحد من تفاقم المشاكل والأثار السلبية لدى الطفل.كيف يمكن توعية الأطفال لتجنب التحرش والإبلاغ عنه؟
يقال بأن "درهم وقاية خير من قنطار علاج" ولذلك من المهم نشر ثقافة التوعية بين الأطفال خصوصا في مثل هذه المواضيع التي تعتبر ممنوعات في مجتمعاتنا الإسلامية بفعل الثقافة والتقاليد ونذكر هنا بعض أهم النصائح التي يجب أن تقدم للأطفال من أجل تجنب التحرش واكتشافه والإبلاغ عنه.- تعليم الطفل بأن جسمه خاص به وملك له ولا يحق لأي شخص انتهاك هذا الحق عن طريق لمسه في المناطق الحساسة بطريقة غير مريحة مع ضرورة ابلاغ والديه بالأمر مباشرة؛
- يجب أن يعلم الطفل بأن الجلوس على حجر الأشخاص الغرباء ممنوع وغير أخلاقي وبأنه لا يجب أن يخجل من قول لا لأي شخص طلب منه الجلوس بتلك الطريقة مع ابلاغ والديه مباشرة بالأمر؛
- لمس الأعضاء الحساسة ممنوع من طرف الجميع ويجب تعليم وتدريب الطفل على ذلك من طرف الأب والأم وتعليمه قول "لا" لأي محاولة للمس أعضاءه التناسلية مع ضرورة ابلاغ الأسرة بالأمر في أسرع وقت؛
- تشجيع الطفل على البوح والاعتراف لوالديه حصرا بأي حدث غريب وقع له ويجب مكافأة الطفل عند البوح بمكافأة يحبها، حتى نعزز لديه هذه الصفة الحميدة.
التحرش الجنسي ضد الأطفال (Pedophilia) من الجرائم الخطيرة التي يتعرض لها الأطفال، هذه الظاهرة الخطيرة تتطلب تكاثفا للجهود بين الأسرة والمدرسة والسلطات المختصة من أجل توعية الأطفال بحدود أجسادهم التي يجب أن يصل إليها الشخص الغريب وذلك من خلال تغيير المنهاج التربوية وإدراج هذه الحيثيات فيها بشكل واضح لا لبس فيه. كما يمكن لهذا التعاون بين الجميع أن يخفف من التأثيرات السلبية النفسية والجسدية البعدية التي يتعرض لها الطفل ضحية التحرش الجنسي.
إرسال تعليق